الخميس، 6 ديسمبر 2012

تشي جيفارا العظيم

                                           تشي جيفارا..   
------------------------------------------------------------------------

نبذه عن حياته
ولد أرنستو تشي جيفارا عام 1928 من عائلة
برجوازية أرجنتينية وكان عمره لم يتجاوز العامين عندما اكتشف اهله انه
مصاب بمرض الربو . تلقى تعليمه الاساسي بالبيت على يد والدته ( سيرينا
لاسيليا دي )، كان جيفارا منذ صغره قارئا لماركس ، انجلز وفرويد حيث توافرت
الكتب في مكتبة ابيه بالمنزل . التحق بصفوف مدرسة ( كوليجيو ناسيونال)
الثانوية عام 1941 وتفوق في الادب والرياضيات. عايش في تلك الفترة مأساة
لاجئي الحرب الاسبانية الاهلية والازمات السياسية المتتابعة في الارجنتين
خلال عهد الديكتاتورالفاشي لجوان بيرون. غرست هذه الاحداث في ذهن جيفارا
الصغير الاحتقار للمسرحية الديموقراطية البرلمانية وكره السياسين وحكم
الاقلية الرأسمالية وقبل ذلك كله حكم واستعباد دولار الولايات المتحدة
الامبريالية .
خلال ذلك التحق بحركات طلابية لكنه لم يظهر اهتماما ملحوظا بالسياسة التحق
بالجامعة حيث درس الطب لفهم مرضه الخاص, لكنه فيما بعد اصبح أكثر اهتمام
بمرض الجذام. خرج عام 49 في رحلة يستكشف الأرجنتين الشّماليّة على درّاجة ,
و للمرّة الأولى يقابل فيها الطبقة الكادحة الفقيرة وقرر الخروج مرة اخرى
عام 1951 في رحلة طويلة وطاف قبيل تخرجه من كلية الطب مع صديقه (ألبرتو
غراندو) معظم دول أمريكا الجنوبية على الدراجة النارية, فزار إضافة لبلده
الأرجنتين , التشيلي وبوليفيا وكولومبيا والإكوادور وبيرو وبنما وعايش
معاناة الفلاحين والطبقة الكادحة من العمال وفهم طبيعة الاستغلال الذي
يعانيه شعوب الدول المضطهدة وكيف يستغل الرأسمالي حاجة الفقراء ويخضعهم تحت
تصرفهم عاد إلى البيت لامتحاناته النّهائيّة متأكّد من شيء واحد فقط, أنه
لم يرد أن يصبح ممارس عامّ منتمي للطّبقة الوسطى وكرس نفسه منذ ذلك الحين
ثائراً أو محرضاً على الثورة أو شريكاً فيها حيثما أمكن ذلك. فسافر عام
1953 الى المكسيك وهي البلد الأمريكي اللاتيني الأكثر ديموقراطية والتي
كانت ملجأ للثوار الأمريكان اللاتين من كل مكان. تعرف على (هيلدا جادي)
التي كان لها مخزون ماركسي جيد مما عزّز تعليمه السّياسي, اعتنت به و
قدّمته لـ (نيكو لوبيزا) احد ملازمين (فيديل كاسترو) الذي كان في ذلك الوقت
يقوم بالهجوم على قلعة موناكو حيث فشل هجومه واعتقل وحوكم وفي اثناء
محاكمته اصدر بيانا سياسيا كان بمثابة برنامج سياسي يبين اهداف الحركة
الثورية لفيديل ورفاقه .
اعجب ارنستو بشخصية فيديل وتمنى مقابلته وهذا ما كان بعد خروج فيديل عام
1955 من المعتقل . ادرك جيفارا قي ذلك الحين انه وجد شخصية القائد الذي كان
يبحث عنه. قويت علاقة الرفيقين ببعضهما وقاما بالتخطيط لتحرير كوبا من حكم
الدكتاتور باتيستا. انطلق الثائرين ومعهم 80 ثائرا اخر على متن سفينة
قاصدين شواطئ كوبا . اثناء ذلك اطلق على جيفارا لقب تشي ( الصديق او الرفيق
).

سرعان ما اكتشفتهم قوات ( باتيستا) وهاجمتهم ولم يسلم منهم سوى عشرون
ثائراً صعدوا جبال ( السيرامايسترا) واعادوا ترتيب صفوفهم. نجحوا في اقناع
الفلاحين والفقراء بضرورة الثورة فأمن ذلك لهم الحماية وان كانت محدودة
وسرعان ما اثبتوا جديتهم وتلاحقت انتصاراتهم على جيش باتيستا الى ان وصلوا
هافانا واعلنوا نجاح الثورة والقضاء على حكم باتيستا وبعد نجاح الثورة عين
جيفارا وزيراً للثورة وقام بزيارة العديد من البلدان والتقى العديد من
القادة امثال (جمال عبد الناصر) و(نهرو) و(تيتو) و(سوكارلو) ومن ثم عين
وزيراً للصناعة وبعد ذلك وزيراً ورئيسا للمصرف المركزي . وكان بمثابة الرجل
الثاني في الدولة بعد فيديل كاستروا . امن منذ البدء بضرورة اعادة هيكلية
النظام الاقتصادي لكوبا وفتح المصانع وذلك لسد احتياجات كوبا وعدم لجوئها
وخضوعها تحت الهيمنة الامبريالية.
وضحت معالم شخصية تشي الماركسية اللينينية وتوجهه نحو سياسة (ماو-تسي يونج)
وامن بان الثورة تحضَر في الريف ومن ثم تنطلق الى المدن وخالف بذلك سياسة
رفيقه فيديل الذي كان يميل للسياسة الشيوعية الروسية في تلك الفترة .
بعد نجاح الثورة في كوبا اثر تشي ان يكمل حلمه في تحرير شعوب العالم النامي
ومساعدتهم بالتخلص من الحكم الاستعماري والهيمنة الامبريالية فغادر كوبا
تاركاً مناصبه وعائلته متجها الى الكونجو في افريقيا وبعد محاولته لتكوين
الجيش الثائر فشل بعد رفض الشعب الافريقي للتعاون معه لاعتباره غريب ولم
يقتنعوا باهدافه فكانت تجربة قاسية له ولكنه اثر الا ان يكمل مسيرته فانطلق
متجها الى بوليفيا واستطاع هناك ان يكون فرقا ثورية من الفلاحين والعمال
والبدء بالثورة الا انه لم يستطع مواجهة الجيش البوليفي الذي كان اقوى
ومجهز واحدث من جيش باتيستا وغير ذلك مساعدة النظام الامبريالي الامريكي
للحكومة البوليفية فكان الامر شاقاً عليه ومع ذلك استمر الى ان قتل بعد ان
القي القبض عليه .
اتسم تشي بشخصية سياسية لها منطلقاتها ووجهة نظرها الخاصة فكانت له مواقفه
الرافضة للهيمنة السوفيتية على الثورة والتي كانت تميل الى مهادنة النظام
الامبريالي فكان يؤكد مرار على ضرورة الثورة ضد الهيمنة والاستغلال فردد
باستمرار عبارته الشهيرة( لاحياة خارج الثورة ولتوجد فيتنام ثانية وثالثة
واكثر ).
نعم فقد كان لتشي اعداء كثر ولعل ذلك يكمن في اسلوبه الصريح في النقد
ومهاجمة المخطئ مهما كان.على اية حال فان تشي انتهت حياته علي يد جندي من
جنود الجيش البوليفي وكما يقال بتعاون مع وكالة المخابرات المركزية
الامريكية. ولعل سر سحر شخصية تشي يرجع الى تلك المواقف واسلوبه القوي
وعناده ورفضه للهيمنة حتى لو كانت من مؤسسة شيوعية كالاتحاد السوفيتي. مهما
كان فقد كان تشي الشخصية الاكثر اثارة ومحبة في قلوب الشعوب المضهدة حول
العالم وستظل صوره في قلوبنا وعلى صدورنا فاحلامه واحلامنا لاتعرف حدود .









سقوطه قتيلا
التقطوه وحملوه ووضعوه على طاولة عالية ،ثم قالوا للصحافيين والمصورين
والعالم أجمع :

" هذا هو تشي غيفارا... لقد انتصرنا عليه ."

بدأت المرحلة الاخيرة من المطاردة الني استمرت أكثر من سنتين ،واستعملت
الولايات المتحدة مختلف الوسائل للقضاءعلى موجة حرب العصابات التي يقودها
"تشي" غيفارا ، في نيسان 1967 ، بعد ان القت السلطات البوليفية القبض على
المفكر الفرنسي الماركسي ريجيس دوبريه ، واتهمته بالتعاون مع غيفارا
وأنصاره ، وسجنته وعذبته لتنتزع منه اعترافا بمكان غيفارا . وبعد ذلك بفترة
قصيرة ، أعلن رئيس الجمهورية البوليفية الجنرال رونيه بارينتوس بأنه واثق
هذه المرة من القبض على غيفارا حيا أو ميتا. ولم يكن بارينتوس يعتمد في
عملية مطاردة واصطياد غيفارا على رجاله وحدهم ، ولا على بعض رجال العصابات
الذين تخلوا عن غيفارا وحاولوا الكشف عن مكانه ، بل كان يعتمد على قوات
متخصصة في حرب العصابات والتصدي للثوار بوسائل علمية مدروسة دقيقة .

ففي باناما، أنشأت وزارة الدفاع الاميركية سنة 1949 مدرسة حربية وسلمتها
للجنرال بورتر . وفي هذه المدرسة يتدرب جنود أميركيون من مختلف أنحاء
اميركا الجنوبية والشمالية ، على يد ضباط يمنازون بكفاءة علمية عالية ،
ويتخرجون متخصصين بالحرب في مناطق أميركا اللاتينية الصعبة الشائكة . لكن
هذه المدرسة ادخلت في السنوات الاخيرة بابا جديدا على منهاجها ، وهو على
تدريب الجنود على اصول واساليب حرب العصابات ، لمواجهة موجات الثوار في
اميركا اللاتينية . ويستمر التدريب اربعين اسبوعا" ، يخضع خلالها الجنود
لاشد وأقصى أنواع التدريب العسكري ، ويضع في الظروف نفسها التي سيتعرض لها
حين يواجه رجال العصابات في الجبال والغابات .

كان هؤلاء الجنود ، المدربون على ايدي القبعات الخضر - وهو اللقب الذي يطلق
على مدرسة باناما - هم الذين يطاردون غيفارا، وينصبون له الفخ تلو الفخ ،
لايقاعه والقضاء عليه. واستمرت هذه العملية شهورا، حتى جاء الخريف ، واطل
شهر تشرين الاول ، فإذا بالجنرال بارينتوس يعلن للصحافيين ان القوات
المسلحة ، وهو يقصد فيها القوات التي تدربت في مدرسة باناما ، تحاصر جماعة
من رجال العصابات وعلى رأسها القائد رامون وهو احد اسماء غيفارا المستعارة.
وقال بارينتوس هذه المرة سوف نقبض على "تشي" ولن يستطيع ان يهرب منا ".
لكن القوات لم تستطع ان تقبض الا على ثائرين من رجال " رامون " اعترفا بأن
تشي هو فعلا قائدهما وأنه موجود في مكان ما بالقرب من منطقة ( فاليغراندي)
.وقال الرجلان بأن مرض الربو قد اشتد على غيفارا ، ولم يعد يستطيع التنفس
الا بصعوبة ، وانه لا يتحرك الا على ظهر بغل ، وهو لا يهتم بشيء ، ويظهر
احتقارا بالغا لحياته. وبعد ايام من القبض على الرجلين ، وفي مساء بوم
الاحد 8 تشرين الاول ، دارت معركة طاحنة بين القوات المسلحة وبين رجال
العصابات في منطقة (هيغوبراس) بالقرب من فالنغراندي واستبسل الثوار ، وفي
النهاية ستة من رجالهم ، وبينهم تشي غيفارا.
وتقول بعض الروايات البوليفية عن موت غيفارا ، ومنها رواية القائد الاعلى
للقوات البوليفية الجنرال الفريدو اوفاندو ، ان غيفارا قال قبل وفاته ، وهو
في ساعات احتضاره الاخيرة: " انا تشي غيفارا. لقد فشلت ". لكن الكولونيل
سانديكو ، وهو الذي قاد الحملة المسلحة ضد غيفارا وثواره ، ذكر أن تشي ظل
فاقدا وعيه حتى مات. وهناك رواية اخرى ، نسبتها احدى الصحف البوليفية الى
بعض الضباط الذين طاردوا تشي غيفارا ، وتقول ان غيفارا اسر حياً ، وحاول
الطبيب معالجته من الجروح التي اصيب بها لكن الالم كان شديدا عليه ، ومرض
الربو كان يمنعه من التنفس الا بصعوبة. وقضى ليلة الاحد في حالة نزاع شديد ،
يئن من الاوجاع والزفير ، يطلب من الطبيب أن يعالجه ، حتى قضى عليه الألم
في صباح الاثنين بعد ان خارت قواه تماما وعجز الطب عن اسعافه. ورواية أخرى
تقول ان غيفارا تعرض للتعذيب بعد القاء القبض عليه ، لكنه لم يعترف بشيء
بقتله احد الضباط برصاصة سددت الى قلبه. وكما تعددت الروايات حول مقتله ،
تعددت الروايات حول طريقة تعقبه والقاء القبض عليه. ومن هذه الروايات
ولعلها الاقرب الى الصحة ، ان احد رجال العصابات ، من رفاق " تشي " القدامى
، وشى به الى السلطات البوليفية بعد ان أغرته الجائزة التي خصصتها هذه
السلطات للقبض على عليه ، وهي في حدود خمسة الاف دولار .
وكان مؤلما حقا أن تشي الذي امن طوال حياته بالاخوة الحقيقية والصداقة
والاخلاص والتضحية بين البشرية ، وعاش وعاش على هذه الاخوة والصداقة
والاخلاص والتضحية ن وتنتهي حياته بان يبيعه رفيق سلاح قديم ، لان المال
كان اقوى من القيم والمبادئ التي يمثلها غيفارا او يدعو اليها .
ولم تصدق عائلة تشي انه مات . لا الاب ، ولا الشقيق ، ولا أي فرد من افراد
العائلة . وما زالوا ينتظرون بين اللحظة والاخرى ان يحمل اليهم البريد ، او
صديق من الاصدقاء ، رسالة من الابن المشرد ، يعلن فيها للعالم انه ما زال
حياً ، ويسخر ، كعادته من الموت . منذ اختفائه قتلوا تشي عدة مرات . وفي كل
مرة مان ينفض الموت عنه ، ويبدو انه اقوى واصمد .
هذه المرة ، يبدو ان تشي اقتنع انه مات . وان جثته احرقت فعلا ، كما قالت
السلطات البوليفية . ولعله استراح ، لله لم يعد يضايقه زفير الربو ، ولا
المطاردة القاسية المستمرة .

مساء الاحد 15 تشرين الاول ، يقف فيديل كاسترو ، رفيق تشي في النضال ،
ويعلن في خطاب دام ساعتين ، وبلهجة حزينة حزينة : اننا متأكدون تماما من
موت غيفارا . لقد درسنا جميع الوثائق التي تتعلق بموته : الصور ، فقرات
يومياته التي نشرت ، الظروف التي رافقت لحظاته الاخيرة وتأكدنا للاسف أن
تشي مات فعلا. وانا لا اعتقد بان للحكومة البوليفية مصلحة في اختراع كذبة
كبيرة كهذه ، قد تنكشف بعد ايام قلائل . كان يطارد غيفارا في الاسابيع
الاخيرة اكثر من 1500 جندي ، مدربين احسن تدريب ، واسطاع هؤلاء ان يقضوا في
النهاية عليه . ثم حاولت السلطات البوليفية القضاء ايضا على اسطورته ،
فلفقت العبارات الاخيرة التي زعمت بان تشي تفوه بها ، والتي تعلن فشله. لكن
النضال سيستمر بعد موت تشي والحركة الثورية لن تتوقف .





بعض من اقوال جيفارا..
الثورة قوية كالفولاذ حمراء كالجمر باقية كالسنديان عميقة كحبنا الوحشي للوطن

كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقا لكنني لم أكن اتصور أن الحزن يمكن
أن يكون وطنا نسكنه ونتكلم لغته ونحمل جنسيته

انني احس على وجهي بألم كل صفعة توجه الى كل مظلوم في هذه الدنيا فاينما
وجد الظلم فذاك هو وطني

أن الطريق مظلم وحالك فأذا لم نحترق انت وانا فمن سينير الطريق

علمني وطني بان دماء الشهداء هي التي ترسم حدود الوطن

لكل الناس وطن يعيشون فيه الا نحن فلنا وطن يعيش فينا

أنا شاهد المذبحة وشهيد الخريطة انا وليد الكلمات البسيطة

من شدة حبي سأموت ان يوما ساموت لا حزنا او حسرة لكن من شدة حبي !! من شدة
حبي لك يا وطني المحتل يا زهرة فل

من غسق الليل وفجر غدي ومروج السندس في بلدي ودم شعبي الملتهب لونت خيوطك
يا علمي

لا تحزني امي ان مت في غض الشباب غدا ساحرض اهل القبور واجعلها ثورة تحت التراب

الدموع لا تسترد المفقودين ولا الضائعين ولا تجترح المعجزات !! كل دموع
الارض لا تستطيع ان تحمل زورقا صغيرا يتسع لابوين يبحثان عن طفلهما المفقود

لا يهمني متى أو أين أموت,لكن همي الوحيد أن لا ينام البرجوازيين بكل ثقلهم
فوق أجساد أطفال الفقراء والمعذبين, وأن لا يغفو العالم بكل ثقله على
جماجم البائسين والكادحين

أنا لا اوافق على ما تقول, ولكني سأقف حتى الموت مدافعا عن حقك في أن تقول
ما تريد

قد يكون من السهل نقل الانسان من وطنه ولكن من الصعب نقل وطنه منه

يعشقون الورد لكن يعشقون الارض أكثر

مثل الذي باع بلاده وخان وطنه مثل الذي يسرق من بيت ابيه ليطعم اللصوص فلا
أبوه يسامحه ولا اللص يكافئه

يقولون لي أذا رأيت عبدا نائما فلا توقظه لئلا يحلم بالحريه وأقول لهم أذا
رايت عبدا نائما ايقظته وحدثته عن الحريه

يقولون أن علينا ان نغلق ملف القضيه الفلسطينيه وان نحلها كما يريدون لنا
ان نحلها واقول لهم ان كنتم تعبتم ففارقون

حفاة على الجمر نسير وعلى الجمر تحترق امنياتنا, سنين الشوك غرسوها في
صدورنا, فأنبتت جراحا رويناها بالذاكرة

لا بد احيانا من لزوم الصمت ليسمعنا الاخرين

الصمت فن عظيم من فنون الكلام








الفرق بين الموت والوفاة


*
الموت وأنواعه والفرق بينه وبين الوفاة


وردت لفظة الموت في القرآن الكريم (165) مرة على اختلاف مشتقاتها ، منها
قوله تعالى : كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ  .
يقول الشيخ الغزالي : الموت : هو طور آخر من الأطوار ، ونوع آخر من الترقي
، وضرب آخر من الولادة ، والانتقال من عالم إلى عالم .
الشيخ الأكبر ابن عربي يقول : الموت : عبارة عن مفارقة الروح الجسد الذي
كانت به حياته الحسية ، وهو طارئ عليهما بعدما كانا موصوفين بالاجتماع الذي
هو علة الحياة ...
يقول الشيخ أحمد بن علوان : قال العلماء : الموت : ليس بعدم محض ولا فناء
صرف ، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ، ومفارقة وحيلولة بينهما ، وتبدل
حال ، وانتقال من دار إلى دار . ويقول الشريف الجرجاني : الموت : هو صفة
وجودية خلقت ضداً للحياة . ويقول الشيخ محمد المجذوب : الموت عند أهل الحق :
إنما هو انتقال الروح من دار إلى دار .
وعند أهل الطريقة الكسنـزانية : نقول : سألوا الرسول صلى الله تعالى عليه
وسلم ، ممكن نرى الله ... ؟ فقال  : بعد الموت . وعندنا الموت موتان :
الموت الأول : الموت الطبيعي (مفارقة الحياة الدنيا) .
الموت الثاني : هو الموت المعنوي ، ويحصل عند موت الغرائز بالورع ،
والرياضة ، والعبادة . فإذا وصل المريد إلى مرتبة موت الغرائز ، يصبح مؤهلاً
لنـزول نور الرحمن على روحه ، فإذا نزل نور الرحمن : وهو نور لطيف في روحه
، وهو الجسم الشفاف يستطيع أن يلمس بالإحساس الحق والحقيقة . ونقول : الموت
متمم الحياة . أو هو الباب الثاني للحياة .
يقول الشيخ سهل التستري : الموت خاص وعام ، فالعام موت الخلقة والجبلة ،
والخاص موت شهوات النفس .
ويقول الشيخ سعيد النورسي :  الموت في حقيقته : هو ليس عدماً ولا زوالاً ولا
فناءً ، وإنما هو : رخصة ، وتسريح ، وإنهاء لوظيفة الحياة الدنيا من قبل
الفاطر الحكيم . بل هو تبديل للمكان ، وتحويل للوجود ليس إلا . وهو دعوة
للحياة الباقية الخالدة ، ومقدمة للحياة الباقية الخالدة . وهو مخلوق كالحياة .

**أنواع الموت :
الموت الأحمر ، والموت الأسود ، والموت الأبيض ، والموت الأخضر ، والموت
الاختياري ، والموت الأصلي ، والموت الأصغر ، والموت العارض ، والموت المعنوي .
يقول سيدي الغوث عبد القادر الكيلاني قدس سره : الموت الأحمر : هو مخالفة
النفس والهوى والطبع والشيطان والدنيا ، والخروج عن الخلق ، وترك ما سوى
الحق عز وجل في الجملة .
الشيخ كمال الدين القاشاني : الموت الأبيض : هو الجوع ، لأنه ينور الباطن ،
ويبيض وجه القلب فإذا لم يشبع السالك ، بل لا يزال جائعاً ، فقد مات بالموت
الأبيض ، فحينئذ تحي فطنته ، لأن البطنة تميت الفطنة ، فمن ماتت بطنته ،
حييت فطنته . وأما الموت الأخضر : لبس المرقع من الخرق الملقاة التي لا
قيمة لها ، فإذا قنع من اللباس الجميل بذلك واقتصر على ما يستر عورته وتصح
فيه الصلاة ، فقد مات بالموت الأخضر : لاخضرار عيشه بالقناعة ، ونظرة وجهه
بنضرة الجمال الذاتي الذي حيي به ، واستغنى عن التجمل العارضي . والموت
الأسود : هو احتمال الأذى من الخلق ... لم يجد في نفسه حرجاً من أذاهم ولم
تتألم نفسه ، بل تلتذ به ، لكونه يراه من محبوبه .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي : الموت الاختياري : وهو موت في حياة دنياوية
، وهو الأجل المقضي في قوله تعالى : ثُمَّ قَضَى أَجَلاً . والموت الأصلي : هو
الموت الذي لا عن حياة متقدمة في الموصوف بالموت ، وهو قوله تعالى : كَيْفَ
تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فهذا هو الموت الأصلي ، وهو العدم الذي للممكن
إذ كان معلوم العين لله ، ولا وجود له في نفسه . والموت العارض : هو الذي
يطرأ على الحي فيزيل حياته ، وهو قوله تعالى :   ثُمَّ يُمِيتُكُم .
وأما الدكتور علي شلق فيقول : الموت الأصغر عند الصوفية : هو النوم قال
الله تعالى : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ
الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ . ويقول الدكتور علي شلق : الموت المعنوي عند الصوفية : فناء العبد
في الله .
والميت عند السيد الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره : هو من مات عن ربه عز
وجل ، وإن كان حياً في الدنيا . ما تنفعه حياته ، وهو يصرفها في تحصيل
شهواته ولذاته وترهاته ، فهو ميت معنى لا صورة . وحقيقة الموت : هي الحياة
مع غير الله تعالى ولو للحظة .

ا**لوفاة :
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 25) مرة باشتقاقاتها المختلفة ، منها
قوله تعالى :  تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . وفي المحيط في اللغة الوفاة
أي الاستيفاء والاستقصاء وتوفاه أي استوفاه وتوفيته استوفيته .
أما في تهذيب اللغة : وتوفاه الله ، إذا قبض نفسه . وقال غيره : تَوَفِّي الميت
، بمعنى : استيفاء مُدَّته التي كُتبت من عدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا .
ويقال : تَوَفَّيْت المال منه ، واستوفيته ، إذا أخذته كله . ومن هذا قول الله
جل وعز : (الله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حِين مَوْتها) أي : يستوفي مُدد آجالهم في الدُّنْيا .
وقيل : يستوفي تمام عددهم إلى يوم القيامة .
وأمّا تَوَفِّي النائم ، فهو استيفاء وقت عقله وتمييزه إلى أن نام .
وقال الزجاج : في قوله تعالى : (قُلْ يَتَوفّاكم مَلَكُ الموْت) هو من : توْفية العدد .
تأويله : يقبض أرواحكم أجمعين فلا ينقُص واحد منكم ؛ كما تقول : قد استوفيت
من فلان ، وتوفَّيت منه ما لي عليه ؛ تأويله : لم يبق عليه شيء .
ومن هنا نقول أن الوفاة في المعنى الدنيوي أبلغ وأكبر من الموت فنجد أن
كثيراً من الذين ماتوا وبعد ساعات رجعوا إلى الحياة الدنيا كما مع العزير
والذي قال الله تعالى فيه : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ
أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ
لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ
يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ
نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فذكر عنه أنه
(أماته) ولم يقل (توفاه) ولو قال توفاه لما جاز في سنة الله عزوجل  أن يرجع
إلى الحياة الدنيا . ودليلنا من الآية الكريمة التي تدل على أن الوفاة
بالمعنى والتعبير القرآني إنما هو القضاء بالموت لا مجرد الموت وحده في
قوله سبحانه : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ
الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ . والمعنى هو أن الله تعالى بيده الأنفس حين تخرج في حالة النوم
وهو الموت المؤقت وهي حالة كحالة الطائرات الورقية بيد الأولاد حين تكون
معلقة بخيط رفيع فعند إطلاقها تبقى باتصال معهم ولكن إذا ما أرادوا ترك
واحدة لحالها قطعوا الخيط فانسابت في الجو ، وهذا مثل للتقريب تعالى الله
عما يصفون ، وكذلك الأنفس حين توفيها تكون تحت أمر الله إما أن يردها إلى
جسمها فتبقى إلى ما شاء الله من الزمن ، وإما يقبضها عنده في حال قضى عليها
الموت وهي حالة الوفاة ؛ والتي لا رجعة فيها . وهذا ما قاله في حق عيسى
عليه السلام : إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وقال : فَلَمَّا
تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ أي استوفى الله منه مدة أجله الذي كتبه له ،
فلا رجوع ولا نزول ، وهذا في حق كل نبي ورسول وولي وصالح من المؤمنين وغير
المؤمنين .
-

التقمص


    التقمص ( محمد خليل الباشا) 



إن الأرواح عندما خلقها الله نفحات من روحه لكي تعمر الكون كانت متساوية ,
و على درجة واحدة من الطيبة و البساطة و الجهل , و فيها عقل لتكون لها حرية
الاختيار في حيّز قانون كوني عام , و فرض عليها أن تندرج قدماً في الاختبار و
التجربة لتتخلص مما فيها من ضدية فتتداول الجسوم من حياة إلى حياة , تمارس
فيها الفضائل و تكتسب فيها المعرفة لكي تستكمل سعادتها باكتمال رقيها
العقلي و الأدبي صعداً نحو الملأ الأعلى .
هذه هي نظرية التقمص العريقة في القدم التي أعلنها ( فيثاغورس ) الحكيم و
علّمها بعده أفلاطون و لفيف من كبار الفلاسفة و قالت بها عدة مذاهب دينية و
فلسفية و يؤمن بها الآن نصف سكان الأرض .
هذه النظرية نظرية التقمص و التي تناولت أموراً أخرى :
الغاية من التقمص .
عدد المرات التي تتقمص فيها الروح .
الفاصل الزمني بين كل تقمص و أخر .
هل العودة اجبارية أو اختيارية .

فمن حيث صحة التقمص تبين أن ثمة أسئلة كثيرة لا يمكن الإجابة عنها إلا
بقبول نظرية التقمص , منها أن النفس إذا كانت خالدة و هي كذلك أين كانت قبل
الولادة و أين تذهب بعد الموت , لأن كل خالد يجب أن يكون آتياً من الأزل , و
إذا كانت خلقت من العدم عند الولادة فلا يمكن أن تكون خالدة لأن العدم
مصيره العدم , و هي ليست كذلك .
و منها أن الذين يولدون مكفوفي النظر أو مشوهين أو معوقين فما ذنبهم ؟ و هل
صحيح أن الآباء يأكلون الحصرم و الأبناء يضرسون ؟ و هل يتفق هذا مع العدالة
الإلهية ؟
و منها السؤال عن الحكمة في توالي النكبات و المصائب على أشخاص معروفين
بحسن السيرة و طيب السريرة , في حين أن الخيرات و النعم تتدفق على من لا
يرى فيهم ما يستحق ذلك و حاشا الله إلا أن يكون كلي العدالة .
و منها السؤال عن سبب التفاوت في الأخلاق و الصفات و الذكاء بين أخوين و قد
ربيا في بيت واحد و محيط واحد .
تجيب نظرية التقمص عما ذكرناه :
بأن الروح ما دامت خالدة فيجب أن يكون لها ماض قبل الولادة و أن يكون لها
مستقبل بعد الموت , و لا يمكن أن تكون الروح الخالدة آتية من العدم ثم تغرق
بعد الموت في بطالة الانتظار غير المجدي الذي يمتد و يتطاول جزافاً إلى يوم
القيامة لإجراء الحساب .
و بأن الذين يولدون مشوهين إنما هم يكفرون عن ذنوب فرطت منهم في حيوات
سابقة و كذلك الذين تتوالى عليهم النكبات وهم في الظاهر على صلاح في
اعمالهم و نحن نجهل باطنهم و ماضيهم و لا نستطيع الحكم عليهم . و ربما كانت
هذه المصائب لابتلاء صبرهم و إيمانهم فتكون كالصهر للذهب فيُطهر و ينقى .
إن الخيرات التي نراها تنزل على غير مستحقيها ليس ثمة ما يؤكد لنا أنهم لا
يستحقونها , إذا كانوا كذلك فإنما هي تجربة لهم فإما أن يستفيدوا منها
فتساعدهم على التقدم و إما أن تلهيهم الغواية فيحاسبون عن ذلك في هذه
الحياة أو في حيوات أخرى .
إن التباين بين الأخوين مرده إلى تباين قائم بينهما في عدد تقمصات كل منهما
و مدى استفادتهما من حيواتهما السابقة و مستوى تدرجهما في سلم الاختبار و
الصفاء و النقاء . و لا يمكن أن يكون الله سبحانه ظالماً فيميز بين خلقه .
أضف إلى ذلك أن التنويم المغناطيسي استطاع في درجاته العالية أن يعيد
المنوم إلى تقمصات سابقة يصفها وصفاً أمكن التثبت منه بعدئذ في كثير من
الحالات و كذلك في الجلسات الروحية .
و إن التذكر أي أن يستبقي عقل بعض الأشخاص شيئاً من ذكريات التقمص السابق
فيصفون ماضيهم أوصافاً أمكن التثبت منها .
أما الغاية من التقمص :
إن الروح تكون إنساناً جديداً في كل تقمص , يكمن فيه كل ما اكتسب سابقاً من
الصفات العقلية و الأدبية فيستطيع بوحيها القيام بمهماته في هذا التقمص
فيحرز الترقي العقلي باضطراره لقضاء ضرورات الجسد المقيد به , و هذه
الضرورات هي كالمهماز يهيب به دواماً إلى العمل المستمر , و بذلك تتسع قواه
العقلية باتساع اختباراته و تجاربه و تتحسن أوضاع البيئة التي يعيش فيها
بسعيه لتحسين أوضاعه المادية و الحضارية . و يحرز الترقي الأدبي بالتفاعل
مع المجتمع الذي يحتاج فيه الناس بعضهم إلى بعض فتكون الألفة الاجتماعية
محكاً للصفات الحسنة و الرديئة .
الغاية من اتخاذ الروح الجسد لباساً لها هي الأختبار و التجربة في طريق
التسامي و الترقي لتحقيق الذات و بلوغ الصفاء و النقاء , و هذه لا يمكن أن
تتحقق في خلال السنوات القصيرة المعدودة للإنسان في التقمص الواحد , فكيف
إذا ما مات شاباً أو طفلاً , و ما هي قيمة السنوات مهما كثرت في حياة روح
خالدة بل ما قيمتها في بحر الزمن , في كون هائل سما على الزمان و المكان .
فالتجارب اللازمة لإدراك المعرفة و بلوغ الصفاء , لا يمكن أن تتم في زمان
محدود أو مكان محدود بل بأعمال لا تتسع لها حياة واحدة و لا مكان واحد على
الأرض .
كم مرة تعود الروح إلى التقمص ؟ و كم هو الفاصل بين التقمص و الأخر ؟
لسنا ندري إذا كانت كلمة كثيراً تجيب عن هذا السؤال .
فمصير الإنسان مرهون بأعماله و بمدى اكتسابه و تقدمه في اختباراته .
أما الفاصل الزمني بين التقمص و الأخر فنجيب بأن المكان و الزمان هما من
المفاهيم الأرضية و ليس في عالم الروح مكان و لا زمان .
هل تختار الروح تقمصها أو تساق قسراً إليه ؟
يقول العلماء الروحيين أنها مختارة .
فلقد وهب الله للإنسان العقل و أعطاه حرية التصرف في حيّز قانون كوني عام
فله أن يسير في هديه و بحسب أحكامه , فتحسن حاله , و يطمئن أمره , و له أن
يعصي و يخالف فيلاقي سوء ذلك إلى أن يستقيم و ينتظم في حيّز القانون العام
فتتحسن حاله و الله غفور رحيم . فالروح تحتاج إلى التقمص لتخلص من الجهالة
التي هي فيها , و من الشرور التي تعتريها , فإذا بادرت و استفادت من
تقمصاتها خففت آلامها و قرّبت المسافة في رحلتها و إذا لم تبادر أو لم تستفد
من تقمصاتها , استمرت فيها إلى أن تفعل أو يدركها اليوم الموعود .
أما إذا كانت الروح بدائية تعمه في جهل مطبق فلا تدرك من أمرها رشد فالله
العزيز الرحيم يقيض لها روحاً راقية تأخذ بيدها و ترشدها فتمضي بها إلى
التقمص الذي يناسبها . فالروح إذاً مختارة إلا أن هناك تقمصات تطوعية من لدن
أرواح سامية تحمل إلى الناس الرسائل الإلهية و الهدى و الرشاد .
بعد الموت عندما تعي الروح ذاتها و ترى ضرورة تقمصها على الأرض مرة أخرى و
يسمح لها بذلك فإنها إذا كانت على درجة من التقدم تختار المحن و التجارب
التي يجب أن تتقمص لمعاناتها و التغلب عليها .
الأرض للأرواح المتخلفة مكان للتكفير فيه عذاب و آلام و للأرواح المتقدمة
مكان للاختبار فيه جهد و كد و دموع , فالمجيء إلى الأرض ليس على الروح
بالأمر السهل الممكن في كل حين .
فمن الحكمة العمل على فهم التقمص فهماً عقلياً فننتهز فرصة الوجود على الأرض
لإصلاح الأخطاء التي ارتكبت فلا يتكرر التقمص ثانية لإصلاحها فيستغفر
الإنسان من آذاه و يحسن إليه و يحب من كرهه و يتواضع لمن حقّره و يتقرب منه
و يستجمع الصفات الفاضلة فيتحلى بها بعيداً عن الكبرياء و الأنانية و الكذب
و الغضب و الخوف .

لمعرفة توافق الزوجين

                                    كشف حالة الزواج بعلم الحرف   
------------------------------------------------------------------------
*
تحسب اسم المرأة واسم الرجل

و تضيف 16 للعدد و تقسم على 9 والباقي هو الناتج :

9 : احذر من هذا الزواج

4-6 : تطلقها بعد الزواج

3 : اوله شر و تعسر و آخره يسر

8-7-5-2-1 :خذها ترى خيرا وامرا يسيرا



وللتذكير فقط ولتسهيل حساب الاسماء
أرقام الحروف هي كالثالي:
أ = 1
ب = 2
ج = 3
د = 4
ه = 5
و = 6
ز = 7
ح = 8
ط = 9
ى = 10
ك = 20
ل = 30
م = 40
ن = 50
س = 60
ع = 70
ف = 80
ص = 90
ق = 100
ر = 200
ش = 300
ت = 400
ث = 500
خ = 600
ذ = 700
ض = 800
ظ = 900
غ = 1000

*

_________________

المحتال


                                قصة المحتال وزوجته





قرر المحتال وزوجته الدخول الى

مدينة قد اعجبتهم ليمارسا اعمال

النصب و الاحتيال على أهل المدينة



في اليوم الأول : اشترى المحتال

حمـــارا وملأ فمه بليرات من

الذهب رغما عنه، وأخذه إلى حيث

تزدحم الأقدام في السوق



لمح الحمـــار مراهقة في السوق

فنهق



فتساقطت النقود من فمه … فتجمع

الناس حول المحتال الذي اخبرهم ان

الحمــار كلما نهق تتساقط النقود

من فمه



بدون تفكيرا بدأت المفاوضات حول

بيع الحمــار اشتراه كبير التجار

بمبلغ كبير لكنه اكتشف بعد ساعات

بأنه وقع ضحية عملية نصب غبية

فانطلق فورا إلى بيت المحتال

وطرقوا الباب قالت زوجته انه غير

موجود



لكنها سترســـل الكلب وسوف يحضره

فــــــورا . فعلا أطلقت الكلب

الذي كان محبوسا فهـــرب لا يلوي

على شيء، لكن زوجها عاد بعد قليل

وبرفقته كلب يشبه تماما الكلب الذي هرب



طبعا، نسوا لماذا جاؤوا وفاوضوه

على شراء الكلب ، واشتراه احدهم

بمبلغ كبير طبعا ثم ذهب إلى البيت

وأوصى زوجته ان تطلقه ليحضره بعد

ذلك فأطلقت الزوجة الكلب لكنهم لم

يروه بعد ذلك



عرف التجار أنهم تعرضوا للنصب مرة

أخرى فانطلقوا إلى بيت المحتال

ودخلوا عنوة فلــم يجــدوا سوى

زوجته ، فجلسوا ينتظرونه ولما جاء

نظر إليهم ثم إلى زوجته ، وقــــال

لها:لمـــاذا لم تقو مي

بواجبـــات الضيافة لهـــؤلاء

الأكـــارم؟؟ فقالت الزوجة : إنهم

ضيوفك فقم بواجبهم أنت



فتظاهر الرجل بالغضب الشديد

وأخــرج من جيبه سكينا مزيفا من

ذلك النوع الذي يدخل فيه النصل

بالمقبض وطعنها في الصدر حيث كان

هناك بالونا مليئا بالصبغة

الحمراء، فتظاهرت بالموت



صار الرجال يلومونه على هذا

التهور فقال لهم :لا تقلقوا … فقد

قتلتها أكثر من مرة وأستطيع

أعادتها للحياة وفورا اخرج مزمارا

من جيبه وبدأ يعزف فقامت الزوجة

على الفور أكثر حيوية ونشاطا،

وانطلقت لتصنع القهوة للرجال

المدهوشين

نسى الرجال لماذا جاءوا ، وصاروا

يفاوضونه على المزمار حتى اشتروه

بمبلغ كبير، وعاد الذي فاز به

وطعن زوجته وصار يعزف فوقها ساعات

فلم تصحُ، وفي الصباح سأله التجار

عما حصل معه فخاف ان يقول لهم انه

قتل زوجته فادعى ان المزمار يعمل

وانه تمكن من إعادة إحياء زوجته،

فاستعاره التجار منه …. وقتل كل

منهم زوجته



بالتالي …طفح الكيل مع التجار،

فذهبوا إلى بيته ووضعوه في كيس

وأخذوه ليلقوا به بالبحر.ساروا حتى

تعبوا فجلسوا للـــراحة فنــاموا

صار المحتال يصرخ من داخل الكيس ،

فجاءه راعي غنم وسأله عن سبب

وجوده داخل كيس و هؤلاء نيام فقال

له بأنهم يريدون تزويجه من بنت

كبير التجار في الإمارة لكنه يعشق

ابنة عمه ولا يريد بنت الرجل

الثري. طبعا … أقتنع صاحبنا

الراعي بالحلول مكانه في الكيس

طمعا بالزواج من ابنه تاجر

التجار، فدخل مكانه بينما اخذ

المحتال أغنامه وعاد للمدينة

ولما نهض التجار ذهبوا والقوا

الكيس بالبحر وعادوا للمدينة

مرتاحين.لكنهم وجدوا المحتال

أمامهم ومعه ثلاث مئة رأس من الغنم

فسألوه فأخبرهم بأنهم لما القوه

بالبحر خرجت حورية وتلقته وأعطته

ذهبا وغنما وأوصلته للشاطيء

أخبرته بأنهم لو رموه بمكان ابعد

عن الشاطيء لأنقذته اختها الأكثر

ثراء التي كانت ستنقذه وتعطيه

آلاف الرؤوس من الغنم …وهي تفعل

ذلك مع الجميع

كان المحتال يحدثهم وأهل المدينة

يستمعون فانطلق الجميع إلى البحر

والقوا بأنفسهم فيه (عليهم العوض)


وصارت المدينة بأكملها ملكا

للمحتال

الممثلون

المحتال = إسرائيل

زوجة المحتال = الغرب

اهل المدينة = العرب

أهداف رسائلي

التواصل – رسم الإبتسامة – معلومة – ثقافة

لكل من أحبهم وأعزهم

ولا تنسوني من صالح دعائكم

مع تحياتي
 

الوصايا العشر

 الوصايا العشر في سورة الأنعام !!


        الوصايا العشر
        في
        سورة الأنعام !!

        قال تعالى :
        "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ? أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ? وَبِالْوَالِدَيْنِ
        إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ? وَلَا تَقْرَبُوا
        الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ? وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا
        بِالْحَقِّ ذَ?لِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ?????
        وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى? يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا
        الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا
        وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى? وَبِعَهْدِ اللَّـهِ أَوْفُوا ذَ?لِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ?????
        وَأَنَّ هَـ?ذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن
        سَبِيلِهِ ذَ?لِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ?????"
        سورة الأنعام
        وهذه السورة التي أنزلت على المصطفى بمكة – فهي سورة مكية – كرس
        الحديث فيها عن قضية واحدة لا تتغير ،
        لكن الأسلوب في عرضها لا يتكرر ، وهي قضية التوحيد ، قضية العقيدة
        ، وهي القضية الكبرى ، وهي القاعدة الأساسية لهذا الدين ،
        فالعقيدة هي المدخل للإسلام ، وهي محوره والروح التي تسري فيه ،
        وقد جاءت هذه العقيدة في سورة موجزة :
        "قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ??? اللَّـهُ الصَّمَدُ ??? لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ??? وَلَمْ يَكُن
        لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ???"
        فالعقيدة هي القاعدة الأساسية لإقامة هذا البناء العظيم ، وهي
        الأصل والأساس ، وعبادة الله هي البناء القائم على أساس العقيدة ؛
        لأن الإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر ؛ يترتب عليه الانقياد
        له فيما اختاره ورضيه ، وفيما أمر به وما نهى عنه .
        ولقد مضى على النبي في مكة ثلاثة عشر عاماً كاملة ، في تقرير هذه
        القضية الكبرى ،
        ولم يتجاوز القرآن المكي هذه القضية الأساسية إلى شيء مما يقوم
        عليها من التفريعات المتعلقة بنظام الحياة ،
        إلا بعد أن علم الله أنها قد استقرت في الأذهان ، واستوفت ما
        تستحقه من البيان ،
        لقد شاءت حكمة الله أن تكون قضية العقيدة هي القضية التي تتصدى
        الدعوة لها ، منذ اليوم الأول للرسالة ،
        وأن يبدأ رسول الله أولى خطواته في الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا
        الله ،
        وأن يمضي في دعوته يعرف الناس بربهم الحق ويُعَبِّدُهُم له دون سواه ،
        وأن يرد السلطان كله إلى الله ،
        فهو السلطان على الضمائر ، والسلطان على الشعائر ، والسلطان على
        واقعيات الحياة ،
        والسلطان في المال ، والسلطان في القضاء ، والسلطان في الأرواح
        والأبدان .

        ولنأت على ذكر نماذج من سورة الأنعام ، التي عنيت بشأن العقيدة
        وتركيزها ، والتي تدل على عظمة الله وقدرته وبديع صنعه :
        "الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ? ثُمَّ
        الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ???
        هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى? أَجَلًا ? وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ? ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ
        ???
        وَهُوَ اللَّـهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ ? يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا
        تَكْسِبُونَ ???"
        وقال تعالى :
        "وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ? وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ????
        قُلْ أَغَيْرَ اللَّـهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ?
        قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ? وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ????"
        وقال تعالى :
        "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّـهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ? وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى?
        كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ????
        وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ? وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ????"
        وقال تعالى :
        "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى? أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ
        أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ? انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ
        يَفْقَهُونَ ????"
        وقال تعالى :
        "إِنَّ اللَّـهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى? ? يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ
        الْحَيِّ ? ذَ?لِكُمُ اللَّـهُ ? فَأَنَّى? تُؤْفَكُونَ ????
        فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ? ذَ?لِكَ تَقْدِيرُ
        الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ????
        وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ? قَدْ
        فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ????
        وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ ? قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ
        لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ????"
        وقال تعالى :
        "ذَ?لِكُمُ اللَّـهُ رَبُّكُمْ ? لَا إِلَـ?هَ إِلَّا هُوَ ? خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ ? وَهُوَ عَلَى?
        كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ?????
        لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ? وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ?????"

        والآيات الثلاث التي تضمنت الوصايا العشر ،
        حيث ختمت الآية الأولى بقوله تعالى : "ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"،
        وختمت الآية الثانية بقوله تعالى : "ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" ،
        وختمت الآية الثالثة بقوله تعالى : "ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" .
        ولقد جاء التنويه بهذه الآيات وبيان فضلها وسمو منزلتها وعلو قدرها
        لما روى الحاكم وقال :
        صحيح الإسناد عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله :
        "أَيُّكُمْ يُبَايِعُنِي عَلَى هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ؟"
        ثُمَّ تَلَا :
        "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ..."
        "حَتَّى فَرَغَ مِنْ ثَلَاثِ الْآيَاتِ ، ثُمَّ قَالَ :
        "وَمَنْ وَفَّى بِهِنَّ ، أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا أَدْرَكَهُ اللَّهُ فِي
        الدُّنْيَا كَانَتْ عُقُوبَتَهُ ، وَمَنْ أَخَّرَهُ إِلَى الْآخِرَةِ كَانَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ
        شَاءَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ"
        تفسير ابن كثير
        وأخرج الحاكم وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال :
        (لما أمر الله تعالى نبيه ? أن يعرض نفسه على قبائل العرب قال أبو بكر :
        أَوَقَدْ بَلَغَكُمْ أَنّهُ رَسُولُ اللّهِ فَهَا هُوَ ذَا،
        فقال مفروق : قَدْ بَلَغَنَا أَنّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ فَإِلَى مَ تَدْعُو إلَيْهِ يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟
        فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :
        أَدْعُو إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنّي رَسُولُ اللّهِ
        وَإِلَى أَنْ تُؤْوُونِي ، وَتَنْصُرُونِي ،
        فَإِنّ قُرَيْشًا قَدْ ظَاهَرَتْ عَلَى أَمْرِ اللّهِ وَكَذّبَتْ رَسُولَهُ وَاسْتَغْنَتْ بِالْبَاطِلِ عَنْ
        الْحَقّ وَاَللّهُ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ .
        فقال مفروق : وَإِلَى مَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟
        فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ? أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ...} الآية
        الأنعام ?151?
        فقال مفروق : وَإِلَى مَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟
        فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        {إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى? وَيَنْهَى? عَنِ الْفَحْشَاءِ
        وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ? يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
        النحل ????
        فقال مفروق : دَعَوْت وَاَللّهِ يَا أَخَا قُرَيْشٍ إلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ
        الْأَعْمَالِ وَاَللّهِ لَقَدْ أَفِكَ قَوْمٌ كَذّبُوك ، وَظَاهَرُوا عَلَيْك،
        وكأنه أراد أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة ،
        فقال : وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ شَيْخُنَا ، وَصَاحِبُ دِينِنَا،
        فقال هانئ : قَدْ سَمِعْت مَقَالَتَك يَا أَخَا قُرَيْشٍ ، وَإِنّي أَرَى أَنّ تَرْكَنَا دِينَنَا
        وَاتّبَاعَنَا إيّاكَ عَلَى دِينِك لِمَجْلِسِ جَلَسْته إلَيْنَا لَيْسَ لَهُ أَوّلٌ وَلَا آخِرُ زَلّةٌ
        فِي الرّأْيِ وَقِلّةُ نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ وَإِنّمَا تَكُونُ الزّلّةُ مَعَ الْعَجَلَةِ وَمِنْ
        وَرَائِنَا قَوْمٌ نَكْرَهُ أَنْ نَعْقِدَ عَلَيْهِمْ عَقْدًا ، وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَنَرْجِعُ وَتَنْظُرُ وَنَنْظُرُ)
        هذا جانب من فضائل هذه الآيات الثلاث، وذلك هو تأثيرها في النفوس ،

        وهذه الآيات أيضاً تمثل نموذجاً فريداً في التربية الحكيمة ، التي
        يسعد به المجتمع ، ويحي في ظلها الأفراد في أمان واطمئنان ،
        ومن يتأمل في هذه الآيات الكريمات ؛ يراها قد رسمت للإنسان علاقته
        بربه ، علاقة ينال بها السعادة في الدنيا والآخرة ،
        ورسمت له علاقته بأسرته بحيث تقوم على المودة والرحمة ،
        وسدت في وجهه أبواب الشر التي تؤدي إلى انتهاك حرمات الأنفس
        والأموال والأعراض ؛
        لأن الإسلام يهدف إلى إيجاد جيل يدرك رسالته في هذه الحياة ،
        إدراكاً واعياً صحيحاً مستنيراً ،
        ويؤدي هذه الرسالة بقوة وأمانة ،
        يدرك أن لله تعالى عليه حقوقاً فيؤديها بإتقان وإخلاص ،
        ويدرك أن لنفسه عليه حقوقاً فيتعهدها بالتهذيب والمحاسبة والتقويم ،
        ويدرك أن لمجتمعه عليه حقوقاً ، فيؤدي هذه الحقوق عن رضا وطواعية
        واختيار ، بأمانة وكفاية ونشاط واستقامة ،
        وبذلك تصل الأمم إلى ما تسعى إليه : من عزة ومنعة، ومن غنى وسعادة
        وأمن واطمئنان .
        ومن مفاخر التربية في الإسلام، اتساع دائرتها ، وتنوع مجالاتها ،
        وسمو توجيهاتها ،
        وشمولها لكل جانب من جوانب الحياة الإنسانية.
        إنّها تتعهد الإنسان ، سواء كان ذكراً أم أنثى :
        بالتقويم والتوجيه ، والتسديد والرعاية ، والترغيب والترهيب ،
        منذ خروجه إلى الدنيا إلى أن ينتهي منها ، وتعمل على تسليحه
        بالفضائل ، وتنفيره من الرذائل .
        فهذه الوصايا العشر ، التي يتصدرها أمر الله بالمنع من الشرك ،
        وتحريمه بصفته الذنب العظيم ، الذي لا يغفر :
        ?‏إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ
        بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا? ‏
        ‏النساء‏‏ : ?48‏?
        وقوله تعالى :
        "إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"
        لقمان ????
        والشرك لا يصح معه عمل، ولا يستحق المشرك عن عمله الحسن الثواب ،
        قال تعالى :
        "وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا"
        الفرقان ?2??

        تابع
        7
        7
        7
        


 

        7 تابع : الوصايا العشر في سورة الأنعام !!


        الوصية الأولى :
        تحريم الشرك :

        وإذا جاءت الوصية الأولى بتحريم الشرك ؛ فهي ملزمة بالتوحيد وإفراد
        الله بالعبادة ،
        ويكون التوحيد شاملاً : لتوحيد الربوبية ، وتوحيدالألوهية ، وتوحيد
        الأسماء والصفات ، توحيداً خالصاً لا تشوبه شائبة .
        ومن ينظر في هذه الآيات ؛ يجدها قوام هذا الدين كله ، وهي خلاصة
        الإسلام ، إنها قوام حياة الضمير بالتوحيد ، وقوام حياة الأسرة
        بأجيالها المتتابعة بالتكاتف والتآلف ،
        وقوام حياة المجتمع بالتكافل والتراحم والتعفف والعفاف والطهارة ،
        فيما يجري فيه من معاملات ، وفيها قوام حياة الإنسانية ، وما يحيط
        الحقوق فيها من ضمانات مرتبطة بعهد الله ، كما أنها بدأت بتوحيد الله .
        إن الأمور التي جمعتها هذه الآيات الثلاث لهي أمور هائلة ، تصدرتها
        قضية الدين الأساسية ، قضية العقيدة والتوحيد ،
        وإفراد الله بالعبادة والاستسلام لله ، والانقياد له بالطاعة ،
        والخلوص من الشرك قال تعالى:
        "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ" – لا ما تدعونه أنتم أنه حرمه
        بزعمكم –
        لقد حرم عليكم ربكم الذي له حق الربوبية ، وهي القوامة والتربية
        والتوجيه والحاكمية ، فهذا حقه المطلق وموضع سلطانه .
        فالباري جل وعلا قد حرم على الناس الشرك ، والقاعدة التي يقوم
        عليها بناء العقيدة ، وترجع إليها التكاليف والفرائض ،
        هي الأصل الذي يتعين أن يستقر ويثبت قبل الدخول في الأوامر
        والنواهي ، وقبل تفصيل التكاليف والفرائض ،
        فيتعين على الناس أن يعترفوا بالله رباً وإلهاً ، وحاكماً ومتصرفاً ،
        في كل أحوالهم :
        يؤمنون بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد ? نبياً ورسولاً .
        إنها دعوة لتنقية الضمير من شوائب الشرك ، وتنقية العقل من شوائب
        الخرافة ،
        وتنقية المجتمع من عادات وتقاليد الجاهلية ، وإخراج الناس من عبادة
        العباد إلى عبادة رب العباد .
        إن الشرك في كل صوره وأشكاله ، هو المحرم الأول ؛ لأنه يجر إلى كل
        محرم ،
        وهو المنكر الأول الذي يتعين حشد كل الطاقات لإزالته ؛ حتى يعترف
        الناس أنه لا إله إلا الله ، ولا حاكم ولا مشرع إلا هو سبحانه
        وتعالى ،
        وأن التوحيد على إطلاقه هو القاعدة الأولى ، التي لا يغني عنها شيء
        آخر من عبادة أو عمل .
        الوصية الثانية :
        "وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" :

        هذا أمر صريح ظاهر في إلزام الأولاد ببر الوالدين ، وإكرامهما
        والإحسان إليهما إحساناً مطلقاً ، لا يشوبه قصور أو تقصير ، ولا يحوم
        حوله ضيق أو تضجر ، أو شعور بالتثاقل في أداء هذا الحق ،
        ولاشك أن هذا من أسمى أنواع التربية ، ومما يدل على سمو حق
        الوالديْن ورفعة منزلتهما ؛ أن جعل الله سبحانه وتعالى الإحسان
        إليهما مقترناً بحقه في الطاعة والعبادة ،
        وقد اقترن حق الوالديْن بحق الله في جملة من الآيات ، ففي سورة البقرة :
        "وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ
        إِحْسَانًا"????
        وفي سورة النساء : "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
        إِحْسَانًا"????
        وهنا في سورة الأنعام :
        "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
        إِحْسَانًا" ?????
        وفي سورة الإسراء :
        "وَقَضَى? رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ? إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ
        الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا
        كَرِيمًا ????
        وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ????"
        وفي سورة لقمان :
        "وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى? وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ
        أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ????"
        ولهذه الآيات مغزاها ودلالتها على عظم حق الوالدين ، وكيف أنه بلغ
        من علو المنزلة أن جاء مقترناً بحق الله تبارك وتعالى ،
        وهذا للإشعار بسمو منزلة الوالدين ورفعة قدرهما ، وللتنبيه إلى
        معنى واحد يجمع بين الوصيتين ، وهو أن المنعم يجب أن يشكر ،
        فالله تعالى هو الخالق المنعم ؛ فيجب أن يشكر ، ويفرد بالعبادة
        والطاعة ،
        والوالدان هما السبب المباشر لوجود الإنسان في هذه الحياة ؛ فيجب
        عليه أن يشكرهما ، وأن يحسن إليهما إحساناً لا يتقيد بما هو حق أو
        عدل ، بل يتجاوز ذلك ليكون تعاملاً كريماً ،
        "وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا"
        لم يقل تعالى: (قولا حقا)، ولا (قولا عدلا)،
        وإنما وصفه بالكريم ، والكرم فيض فوق الحق وفوق العدل .
        ويلاحظ كذلك أن المأمور بالإحسان هم الأبناء ، بينما لانجد آية
        واحدة تأمر الآباء بالإحسان إلى أبنائهم ، ولعل السر في ذلك هو :
        لفت الأنظار إلى أن إحسان الآباء إلى الأبناء أمر محقق ، وواقع
        منهم بمقتضى فِطْرَةٍ فطرهم الله عليها ،
        وأن الشأن أنه لا يحتاج إلى حث على ذلك ، أو دعوة إليه ، وهذا أسمى
        وأعلى وأصدق ألوان التربية السليمة التي يؤيدها الواقع ،
        وبهذا المنهج القويم والتربية الحكيمة تسعد المجتمعات ؛ لأنه متى
        استقامت العلاقات، وصلحت الأحوال ، وقويت الصلات بين الآباء والأولاد ؛
        ظهر أثر ذلك في الأفراد والأمم ، وأصبح مجتمع الإسلام صورة مشرقة ،
        وقدوة للمجتمعات الأخرى.
        الوصية الثالثة :
        "وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ مِنْ إِمْلاَقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ"

        والإملاق : شدة الفقر والفاقة ،
        يقال : أملق الرجل إملاقاً ، إذا احتاج وافتقر ،
        أي : ولا تقتلوا أولادكم الصغار من أجل الفقر ، فنحن قد تكفلنا
        برزقكم ورزقهم ،
        ومن الجرم الواضح والظلم الفادح الاعتداء على حق هؤلاء الصغار في
        الحياة ، وقد ورد النهي عن قتل الأولاد هنا بقوله تعالى :
        "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ? نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ " ????? الأنعام
        وفي سورة الإسراء
        "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ? نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ? إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ
        خِطْئًا كَبِيرًا ????"
        لأن الحديث هنا في سورة الأنعام عن فقر واقع فعلاً ، فكأنه سبحانه
        يقول لهم : لا تقتلوهم لفقر واقع فيكم أيها الآباء ، ولذا قال
        سبحانه: "نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ"
        فجعل الرزق للآباء ابتداء ؛ لأن الفقر الذي يدفعهم لقتل أولادهم
        حاصل لهم فعلاً ،
        أما في سورة الإسراء فالفقر ليس واقعاً ، وإنما هو أمر متوقع لذا
        قال : "خَشْيَةَ إِمْلاَقٍ"،
        أي : خوفاً من فقر متوقع وليس موجوداً فعلاً ، ولكنه متوهم لوجود
        الأولاد ،
        ولهذا جاء التعبير الإلهي مطمئناً للآباء وأنه سبحانه قد تكفل برزق
        الأولاد ، كما تكفل برزق الآباء وبيده خزائن السماوات والأرض ، وقد
        تعهد برزق الجميع :
        "وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّـهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا
        وَمُسْتَوْدَعَهَا ? كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ???"
        هود
        وبمثل هذه التربية الحكيمة تغرس الثقة بالله تعالى ، وتنبت الفضائل
        في النفوس .
        ولا ريب أن قتل الأولادد من أعظم الذنوب ، بل قد يأتي بعد الإشراك
        بالله .
        وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ "قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ
        أَعْظَمُ ؟
        قَالَ : أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ "
        قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ
        قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ ؟ قَالَ : أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ "
        ثم تلا رسول الله ?:
        "وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّـهِ إِلَـ?هًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
        اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ? وَمَن يَفْعَلْ ذَ?لِكَ يَلْقَ أَثَامًا ???? "
        الفرقان
        الوصية الرابعة :
        النهي عن قربان الفواحش ما ظهر منها وما بطن

        وهذا امتداد للوصية بالأسرة التي يتعين تماسكها وتثبيت الود بين
        أفرادها ، ولما وصاهم الله بالأسرة وصاهم بالقاعدة التي تقوم عليها ،
        كما يقوم عليها المجتمع كله ، وهي قاعدة الطهارة والنظافة والعفة ،
        فإنه لا يمكن قيام أسرة ، ولا استقامة مجتمع في وحل الفواحش ، ما
        ظهر منها وما بطن ، إنه يتعين تحقق الطهارة والنظافة والعفة .
        والفواحش : جمع فاحشة ، وهي ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال ،
        وأكثر إطلاقاتها على فاحشة الزنا ،
        فتخصيص الفواحش هنا بفاحشة الزنا أولى بطبيعة السياق وصيغة الجمع ؛
        لأن هذه الجريمة ذات مقدمات وملابسات ، كلها فاحشة مثلها ،
        فالتبرج والتهتك والاختلاط المثير والكلمات والإشارات والحركات
        والإغراء والتزين والاستثارة ، كلها فواحش ،
        تسبق وتمهد وتحيط بالفاحشة الكبرى ، "إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وسَاءَ سَبِيلاً".
        والفواحش كلها مما يحطم قوام الأسرة وينخر في جسم الجماعة فوق ما
        يلطخ ضمائر الأفراد ويدنس الأعراض ،
        ولما كانت الفواحش ذات إغراء وجاذبية وقد يميل لها الطبع ، جاء
        النهي عن مجرد قربانه ا،
        فضلاً عن مواقعتها سداً للذرائع واتقاء للجاذبية التي قد تضعف معها
        الإرادة ،
        ولأن قربان الفواحش قد يؤدي إلى مباشرتها ، فمن حام حول الحمى يوشك
        أن يقع فيه .
        وهذا لون حكيم من ألوان التربية الرشيدة والإصلاح القويم ؛
        لأنه إذا ورد النهي عن قربان الشيء، فلابد أن ينهى عن مباشرته من
        باب أولى وأحرى .
        وقد تكرر النهي في القرآن الكريم عن قربان ما تميل له النفس ويميل
        إليه الطبع في مثل قوله تعالى : "وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ" البقرة????
        وقوله تعالى: "وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ" البقرة ?????
        وقوله تعالى: " وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ? إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ????"
        الإسراء
        وقوله تعالى: "وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ? وَلَا تَقْتُلُوا
        النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ? ذَ?لِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ????? "
        الأنعام
        وقوله تعالى: "وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى? يَبْلُغَ
        أَشُدَّهُ ? وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ? إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ????"
        الإسراء
        فيلاحظ أن كل منهي عنه من شأنه أن تميل النفوس إليه، وتدفع إليه
        الأهواء والشهوات ،
        يأتي النهي عنه بصيغة النهي عن مجرد القربان ؛ للمبالغة في التحذير
        من الاقتراب ، فضلاً عن مباشرته أو الوقوع فيه .
        أما المحرمات التي لا تألفها النفوس ولا تميل إليها ولا تدفع إليها
        الغرائز والشهوات فيأتي النهي عنها مباشرة ،
        كقوله تعالى: "وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ" ،
        وقوله تعالى: "وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ"،
        وقوله تعالى: "وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" ،
        وبمثل هذا الأسلوب الرباني البليغ يربي الله تعالى عباده، ويرشدهم
        إلى ما فيه سعادتهم وخيرهم .
        ولعل من المفيد أن نتذكر في هذا المجال الإجراءات الوقائية التي
        اتخذها القرآن في مواجهة هذا الانحلال الأخلاقي :

        1- الدعوة إلى الزواج :
        "وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا
        فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ"
        النور ????
        2- إباحة الزواج شرعاً بزوجة أخرى بشروط معينة :
        "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ
        مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
        ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا"
        النساء ???
        3- تحريم ارتداء المرأة لأي زي فاضح يشف عن جسمها أو يصف بدنها إلا
        أن يكون أمام زوجها
        وعليها أن ترتدي من اللباس ما جرى به العرف الشريف عند محارمها :
        "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زَينَتَهُنَّ
        إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
        وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ولاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ
        آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ
        أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ
        أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ
        يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ
        وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا
        أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
        النور ????
        "يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
        جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"
        الأجزاب ????
        4- الأمر بغض البصر أمام مفاتن النساء :
        "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ
        اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ"
        النور ????
        5- النهي عن دخول بيوت الآخرين دون استئذان أهلها :
        "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى? تَسْتَأْنِسُوا
        وَتُسَلِّمُوا عَلَى? أَهْلِهَا ? ذَ?لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ????
        فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى? يُؤْذَنَ لَكُمْ ? وَإِن قِيلَ لَكُمُ
        ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ? هُوَ أَزْكَى? لَكُمْ ? وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ????"
        النور
        ومما يدل على بشاعة جريمة الزنا وفظاعته أن تحدَّث القرآن عن هذا
        الفساد الخلقي وكأنه نوع من القتل المعجل ،
        ومن ثم فقد ورد في القرآن الحديث عن الزنا بين نوعين من أنواع
        القتل ، أو مقترناً بالنهي عن الشرك والقتل ،
        ففي سورة الأنعام يرد ذكر الفواحش بعد النهي عن قتل الأولاد وقبل
        النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ،
        وفي سورة الإسراء جاء النهي عن قتل الأولاد في الآية (31) ،
        والنهي عن قربان الزنا في الآية التي تليها (32) ، وفي الآية (33)
        النهي عن قتل النفس ، وقال تعالى :
        "وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ
        إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ"
        الفرقان ????
        وأسلوب القرآن الكريم في تقبيح الزنا والتنفير منه يدل على أن هذه
        الجريمة تؤدي إلى شر مستطير ،
        فهي تلوث العرض ، وتدنس الفراش ، وتفسد النسل ، وتلحق العار
        والخسارة في الدنيا والآخرة .
        فما ظهر الزنا في قوم إلا ظهر فيهم الطاعون ، وفشت فيهم الأمراض
        التي لم تعرف فيمن قبلهم ، على أن المرأة إذا حملت من السفاح فإما
        أن تقتل الولد ؛ فتزهق نفساً بغير حق ،
        وإما أن تلحقه بزوجها وتثبت له نسباً باطلاً وتثبت له محرمية مزيفة ،
        وتجعله يرث مالاً حراماً إلى غير ذلك من الشرور والمفاسد التي قد
        تصيب المجتمع بالكثير من الكوارث ؛

        الوصية الخامسة :
        النهي عن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق

        لقد جاء النهي عن هذه المنكرات الواردة في الآية متوالياً ومتتابعاً
        ؛ لأن كلاً منها جريمة قتل من نوع ما، بل إنها جرائم قتل في الحقيقة.
        فالجريمة الأولى : الشرك بالله فهي قتل للفطرة.
        والثانية : قتل الأولاد وهي تحطيم للأسرة.
        والثالثة : الزنا جريمة قتل للجماعة.
        والرابعة : جريمة قتل للنفس المفردة.
        فلا يجوز إذاً قتل النفس التي حرم الله قتلها في حال من الأحوال،
        إلا في حال فعلها لشيء يوجب قتلها ،
        فقد أخرج الإمامان البخاري ومسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
        قال : قال رسول الله ?: :
        "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ
        ، إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ ; الثَّيِّبُ الزَّانِي ، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ
        الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ"
        متفق عليه
        وذلك لأن الإسلام ينظر إلى وجود الإنسان على أنه بنيان بناه الله
        تعالى، فلا يحق لأحد أن يهدمه إلا بالحق ،
        وبذلك يقرر الإسلام عصمة الدم الإنساني، ويعتبر من اعتدى على نفس
        واحدة فكأنما اعتدى على الناس جميعاً، قال تعالى :
        "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ
        فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا
        النَّاسَ جَمِيعًا"
        المائدة ????
        وبهذه الأوامر والنواهي :
        تصان الدماء، وتحترم الأعراض ، ويسود الأمان والاطمئنان بين الناس ؛
        فـ"كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه"،
        "والمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً".
        ومن محاسن هذه الشريعة أن اعتبرت المحافظة على الضروريات الخمس :
        حفظ الدين ، حفظ النفس ، حفظ النسل والعرض ، حفظ العقل ، حفظ المال ،
        فهذه الأمور قد تعين صيانتها ويحرم المساس بها .
        ويأتي في ختام هذه الوصايا الخمس قول الله تعالى :
        "ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"،
        وهذا التعقيب يجيء وفق المنهج القرآني في ربط كل أمر وكل نهي بالله
        ربطاً للأوامر والنواهي بهذه السلطة التي تجعل للأمر والنهي وزنه في
        ضمائر الناس وعقولهم :
        "إِنَّ فِي ذَلِكَ لآَيَاتٍ لأِوْلِي النُّهَى"
        طه ????
        الوصية السادسة :
        "وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ"

        تصدرت الآية الثانية والخمسين بعد المائة من السورة نفسها ، قال
        الله تعالى :
        "وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ"
        لقد شاء الله تبارك وتعالى واقتضت حكمته أن يأتي هذا الدين الخاتم
        على يد يتيم يكون هو النبي الخاتم ،
        هذا اليتيم الكريم قد عهد الله إليه بأشرف مهمة في الوجود عندما
        شرفه بإبلاغ الرسالة إلى الناس كافة ،
        وجعل من آداب هذا الدين الذي بعثه به رعاية اليتيم وكفالته على
        النحو الذي منه هذا التوجيه الوارد في الآية .
        واليتيم ضعيف في الجماعة بفقده الوالد الحاني والمربي ، ومن ثم تقع
        مسؤولية حمايته وكفالته على المجتمع المسلم ، على أساس التكافل
        الاجتماعي الذي جعلته الشريعة قاعدة نظامه الاجتماعي .
        ولقد كان اليتيم يعاني من الضياع والتشرد والاستغلال في المجتمع
        الجاهلي ، حتى جاء دين الإسلام فأنقذه من هذا الضياع ورتب له حقوقاً
        يتعين صيانتها ،
        ومن حقوقه حفظ أمواله وتنميتها ، وعدم قربانها إلا بما يصلحها ،
        فعلى من يتولى اليتيم ألا يقرب ماله إلا بالطريقة التي هي أحسن
        لليتيم ؛ حتى يسلمه له كاملاً نامياً ،
        وقوله تعالى : "حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ" ليس غاية للنهي ،
        إذ ليس المعنى إذا بلغ اليتيم سن الرشد فاقربوا ماله ، إنما المعنى
        أنهاكم – أيها الأولياء والأوصياء – عن الاقتراب من مال اليتيم إلا
        بالطريقة التي هي أنفع له ،
        وعليكم أن تستمروا على ذلك حتى يبلغ اليتيم رشده ، فإذ بلغ رشده
        فسلموا إليه ماله ليتصرف فيه التصرف السليم .
        فالنهي في الآية ليس عن أكل مال اليتيم ، بل عن مجرد القرب منه ،
        وفي ظل قاعدة التكافل الوارفة الظلال ، عني الإسلام باليتيم
        وأمواله ؛ فدعانا إلى حسن استثمار أموال اليتيم للإنفاق من عائدها
        عليه ، قال تعالى :
        "وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفًا"
        النساء ???
        قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
        "من ولي يتيماً له مال فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة"
        رواه الدارقطني والبيهقي
        ويتعين حسن تربية اليتيم وتعليمه وتدريبه على إدارة أمواله قبل
        دفعها إليه ، قال تعالى :
        "وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا
        فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ
        كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ
        أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا"
        النساء ???
        فعلى الولي أن يسلم المال لليتيم نامياً كاملاً عند بلوغه أشده ،
        واكتمال قوته البدنية والعقلية ؛
        ليكون قادراً على حفظ ماله ، ويحسن القيام عليه، وبذلك يكون اليتيم
        قد استوفى حقه ، وحصل على ماله كاملاً ،
        مع ما تحقق له من الكسب والربح نتيجة حسن تصرف الولي وقيامه على
        المال بما يصلحه ،
        وبهذا التصرف الحكيم ، لا يكون اليتيم هو من فقد أبويه أو أحدهما
        في المجتمع المسلم الرشيد ؛
        لأن المجتمع الإيماني ، اليتيم فيه مكفول الحق ، فقد أباه فكان له
        من المؤمنين آباء ، وفقد أمه فكان له من المؤمنات أمهات .
        إنما اليتيم من لم يحظ بكفالة أبيه ، وينعم برعايته ، ويستفيد من
        مصاحبته والحوار معه ، ولم ينعم بحنان أمه وشفقتها وعطفها :
        ليس اليتيم من انتهى أبواه
        من هم الحياة وخلفاه ذليلا
        إن اليتيم هو الذي تلقى له
        أما تخلت أو أباً مشغولا
        أحمد شوقي
        وقد أولت شريعة الإسلام عنايتها بالأيتام ، من تدبير شؤونهم ،
        ورعاية مصالحهم ،
        وليس أدل على ذلك مما ذكره الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ،
        حيث تحدث عن اليتيم في ثلاثة وعشرين موضعاً في القرآن الكريم ،
        كلها تدعوا إلى رعايتهم ، والحفاظ على أموالهم ، والسهر على مصالحهم ،
        بل وتشدد النكير على من تسول له نفسه أن يعتدي على أموالهم ، أو
        يأكل شيئاً من حقوقهم ، قال تعالى :
        "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا
        وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"
        النساء ????
        الوصية السابعة :
        "وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"

        وهذه المبادلات التجارية بين الناس ، في حدود الطاقة ، وحسن التصرف
        والإنصاف ، وسياق الوصايا في الآيات يربطها بالعقيدة ، والموصي
        والآمر هو الله جل وعلا ،
        والمعنى : وأتموا الكيل إذا كلتم للناس أو اكتلتم عليهم لأنفسكم ،
        وأوفوا الميزان إذا وزنتم لأنفسكم فيما تبتاعون ، أو لغيركم فيما
        تبيعون ،
        فهو أمر من الله تعالى لعباده بإقامة العدل حال التعامل :
        "وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ? ذَ?لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
        تَأْوِيلًا"
        الإسراء ????
        فيتعين أن يعطى صاحب الحق حقه من غير نقص ، ويأخذ صاحب الحق حقه من
        غير زيادة .
        وهذه الوصية تمثل مبدأ العدل في التعامل، والتعادل بين صاحب الحق
        ومن له الحق ، وحال الناس لا تستقيم إلا بالتعامل وتبادل المنافع .
        والكيل والوزن هما من أظهر الوسائل في ذلك ، فلابد أن يكونا
        منضبطين وقائمين على القسط والعدل ،
        وقوله تعالى : "لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا"، جاءت عقب الأمر بايفاء
        الكيل والوزن بالعدل ،
        ولكن بقدر الطاقة للدلالة على الترخيص فيما خرج عن الوسع والقدرة ؛
        لبيان قاعدة من قواعد الإسلام الرافعة للحرج ؛
        وذلك لأن التبادل التجاري لا يمكن أن يتحقق على وجه كامل من
        المساواة والتبادل ، بل الشأن فيه أن يقبل اليسير من الغبن في جانب
        البائع ، أو في جانب المشتري ،
        وهذه الوصية تجمع في ثناياها بين الدقة والسماحة ، وبين الضبط ورفع
        الحرج .
        الوصية الثامنة :
        "وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى"

        هنا نجد الإسلام يرقى بالضمير البشري إلى درجة عالية ومنزلة رفيعة ؛
        لأن ههنا مزلة من مزلات الضعف البشري ، الذي يجعل شعور الفرد
        بالقرابة هو شعور التناصر والتكامل والامتداد بما أنه ضعيف ناقص ،
        ويجد في قوة القرابة سنداً لضعفه ، ومن ثم يجعله ذلك ضعيفاً تجاه
        قرابته حين يقف موقف الشهادة لهم أو عليهم ، أو القضاء بينهم وبين
        الناس ،
        فعليه أن يحكم بالعدل ، فالعدل هو الأساس للحكم السليم .
        والعدل مطلوب في القول من الشهادة ونحوها في كل الأحوال ، كما أن
        العدل مطلوب في الفعل وفي الحكم ،
        وجاء التخصيص في الآية بالقول ؛ لأن أكثر ما يكون فيه العدل أقوال
        ، كالشهادة والحكم .
        وقوله تعالى : "وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى"،
        فهو أخذ بالإنسان عما جرت به عادته ، من التأثر لغيرهم ؛
        ولهذا تعين على المسلم أن ينطق بالحق ، ويقول الصدق ، دون أن يميل
        للقرابة ، أو تحمله العداوة على الظلم والإجحاف للآخرين ، قال تعالى :
        "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"
        المائدة ???
        الوصية التاسعة :
        "وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا"

        الوفاء بالعهد أصل من أصول الشريعة التي يتحقق من خلالها الخير
        والعدل والصلاح ، واستقامة أحوال المجتمع ،
        فعلى المسلم أن يكون وفياً مع الله ، فيما عاهد عليه الله من
        الاستقامة على العقيدة ، والبعد عن قتل الولد أو إهماله ، وعدم
        ممارسة الفواحش ، ما ظهر منها وما بطن ، وصيانة النفوس ، والمحافظة
        على مال اليتيم ، وحسن التعامل في الكيل والوزن ، وكل المبادلات
        التجارية ، وتطبيق العدل على كل الناس .
        وبالجملة فيتعين على كل مسلم الوفاء بما عاهد عليه الله :
        "وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً " الإسراء ????
        وقول الله تعالى : "وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا"
        الفتح ????
        وقوله تعالى : "مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ?
        فَمِنْهُم مَّن قَضَى? نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ? وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ????
        لِّيَجْزِيَ اللَّـهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ
        ? إِنَّ اللَّـهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ????"
        الأحزاب
        وقال تعالى: "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" المائدة ???
        فالمسلم عليه الوفاء بكل التزام من عقد أو عهد ؛ لأن تنفيذ العهد
        دليل بر ووفاء ،
        والإخلال به من مظاهر الكفر والنفاق ، قال عليه الصلاة والسلام ،
        فيما يرويه عن ربه عز وجل :
        "ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ كُنْتُ خَصْمَهُ خَصَمْتُهُ :
        رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا
        فَاسْتَوْفَى عَمَلَهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ"،
        البخاري في صحيحه
        عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال :
        "يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , يُقَالُ : هَذِهِ غَدْرَةُ فُلانٍ"
        الْبُخَارِيُّ
        الوصية العاشرة :
        "وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ
        سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"

        وهذه الوصية تمثل خلاصة الدين كله ؛ لأن من التزم بصراط الله فقد
        اهتدى إلى سواء السبيل ، وسلك طريق الذين أنعم الله عليهم من
        النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين .
        والالتزام بسبيل الله يعصم من الزلل ، ويحمي من السوء ، ولأن
        الصراط هو دين الله وطريقه الذي لا عوج فيه ولا أمتا .
        فمن الواجب على كل مسلم أن يسلك هذا السبيل ، ويهتدي بهذا الصراط ،
        ويترك السبل الباطلة ، والطرق المعوجة ، والمبادئ الفاسدة ،
        والأديان المنسوخة .
        عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ :
        {خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا فَقَالَ : " هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ" .
        ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا يَمِينًا وَشِمَالا ، ثُمَّ قَالَ :
        "هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ،
        ثُمَّ قَرَأَ :(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ
        بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ)
        سورة الأنعام آية 153 "}
        وبعد : فهذه هي الوصايا العشر التي اشتملت على أسمى وأصدق وأفضل
        ألوان التربية للأفراد والجماعات ،
        إذ المتأمل فيها يراها قد وضعت أساس العقيدة السليمة ، القائمة على
        إخلاص العبادة لله الواحد القهار ،
        كما يجدها قد أقامت الأسرة الفاضلة على أساس الإحسان بالوالدين ،
        والرحمة بالأولاد ،
        كما أنها قد حفظت المجتمع من التصدع والاضطراب عن طريق تحريمها
        لانتهاك الأنفس والأموال والأعراض ،
        ثم ربطت كل ذلك بتقوى الله تعالى التي هي منبع كل خير وسبيل كل
        فلاح ، وهي جماع الأمر كله وهي الغاية التي يتحقق معها الفوز
        والظفر بالمطلوب .
        فالتقوى كما فسرها العلماء هي :
        ألا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يجدك حيث نهاك ، وبها صلاح الأمر كله.
        فالتقوى في القلب هي التي تؤهل الإنسان للانتفاع بهذا الكتاب ،
        هي التي تفتح مغاليق القلب له ، فيدخل ويؤدي دوره ،
        هي التي تهيء لهذا القلب أن يلتقط ، وأن يتلقى وأن يستجيب ....
        ورد أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، سأل أبي بن
        كعب رضي الله عنه عن التقوى ، فقال له :
        (أما سلكت طريقاً ذا شوك ؟ قال: بلى !
        قال: فما عملت ؟ قال : شمرت واجتهدت .
        قال: فذلك التقوى).
        فتلك التقوى حساسية في الضمير، وشفافية في الشعور، وخشية مستمرة ،
        وحذر دائم ، وخوف لأشواك الطريق ..
        طريق الحياة الذي تتجاذبه الرغائب والشهوات ، وأشواك المطامع
        والمطامح ، وأشواك المخاوف والهواجس ، وأشواك الرجاء الكاذب فيمن
        لا يملك إجابة رجاء ، والخوف الكاذب ممن لا يملك نفعاً ولا ضراً ،
        ولا موتاً ولا حياة ولا نشورا ..
        وإذاً فالتقوى جماع الخير كله ، وبها صلاح الأمر كله ،
        "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ???? فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ????"
        القمر
        نسأل الله تعالى أن يسلك بنا طريق المتقين ، وأن يجعلنا من الفائزين ،
        وأن يهدينا صراطه المستقيم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ،
        وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أجمل ما قيل في وصف الشام

أجمل ما قيل في وصف الشام
   



    أجمل ما قيل في وصف الشام


    استيقظ عليه الصلاة والسلام فزعاً , فسألته عائشة رضي الله عنها ما بالك يا
    رسول الله قال :
    سُلَّ عامود الإسلام من تحت رأسي فظننت أنه مذهوبٌ به فأتبعته ببصري فإذا هو
    غرز ببلاد الشام


    .ياسائلي عن بلد ما مثلها تعلو السعيد وذو الشقاوة توضع


    عرج ركابك عن دمشق لأنها بلد مبارك بنص القرآن فاسمع

    جاءت بتاريخ قديم بأنها بلد تزل لها الأسود وتخضع

    ما بين جابيها وباب بريدها قمر يغيب وألف بدر يطلع

    قال الإله كنانتي الشام غدت ومن أراد لها بسوء أقطع

    ما في البلاد من الفضائل رفعة إلا وفيها من الأجل الأرفع

    ما من نبي من أولي العزم انتشا إلا من الشام انتشا و المضجع

    هي جنة الدنيا بجمع زخرفت و الجاحد المغرور ماذا يصنع

    ومن العريش إلى الفرات حدودها و دمشقها كل الفضائل تجمع

    أوصيك إن نزلت رحابك برها أن تخدعنك إناثها والمطمع

    فادخلها بالصبر الجميل مصاحبا حسن خلق فالتخلق حصن يمنع

    لا تغرك زينة تفنى ولا تأخذك لومة لائم يا سامع

    ثم الصلاة على النبي محمد ما لاح برق في الدياج يلمع

    وكذا الصحابة ومن يلوذ بنهجهم ما دامت الشمس تغيب وتطلع


    جاء في حديث قدسي عن الله عزوجل أنه قال :{ الشام كنانتي من أراد لها بسوء
    ضربته بسهم منها أُ ُسكنها خيرة خلقي الداخل إليها برضائي والخارج منها بسخطي
    أو كما قال .}

 

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 .......................
قرأت مجدك في قلبي و في الكتب شآم ما المجد أنت المجد لم يغب
إذا على بردى حور تأهل بي أحسست أعلامك إختات على الشهب
ايام عاصمة الدنيا هنا ربطت بعزمتي أموي عزمة الحقب
نادت فهب إلى هند و أندلس كغوطة من شبا المران و القضب
خلت على قدم التاريخ طابعها و علمت انه بالفتكة العجب
و إنما الشعر شرطة إرتجلت على العلا و تملت رفعة القبب
هذي لها النصر لاأبهى فما هزمت و إن تهددها دهر من النوب
و الإنتصار لعالي الرأس منحتم حلواً كما الموت جئت الموت لم تهب
شآم أرض الشهامات التي إصطبغت بعندمي نمته الشمس منسكب
ذكرتك الخمس و العشرين ثورتها ذاك النفير إلى الدنيا أن اضطربي
فكي الحديد يواعدك الالي جبهوا لدولة السيف سيفاً في القتال ربي
و خلفوا قاسيونا للأنام غداً طوراً كسيناء ذات اللوح و الغلب
شآم لفظ الشآم اهتز في خلدي كما اهتزاز غصون الأرز في الهدب
انزلت حبك في آهى فشددها طربت آهاً فكنت المجد في طربي