✨مدونــــة ثقــــافية راقيـــــة ✨ 👌(((يتوقف العقل عن النمو✨...✨عندما يتوقف عن القراءة))))✨ ...✨Nabil al hajal✨...
الاثنين، 4 نوفمبر 2019
الخميس، 4 ديسمبر 2014
طاغور الهنود
*_رابندرانات طاغور_ *
*ولد طاغور في عام 1861. وفي الرابعة عشرة من عمره توفيت والدته. واكتشف
طاغور في هذا العمر معنى الحب الإنساني عند إحدى قريباته. وفي أحد أيام
عام1883، عرف طاغور في رؤيا أن الحب الإنساني واحد مع حب الطبيعة وحب الله؛
يقول في ذكرياتـه: كانت الشمس تشرق بتؤدة فوق أوراق الأشجار […]؛ وفجأة،
بدا وكأن نقاباً انزاح من أمام ناظري. لقد أبصرت العالم كله مغموراً بمجد
يفوق الوصف؛ أمواج من الفرح والجمال تومض وتتصادم من كل صوب […] لم يكن ثمة
شيء أو أحد لم أكن أحبه في تلك اللحظة […] وفي كلية رؤياي لاح لي أنني كنت
شاهداً على حركات جسم الإنسانية بأسرها، شاعراً بموسيقى وبإيقاع رقصة سرية**.
في العام**التالي انتحرت شقيقته، مما سبب له صدمة هائلة. وقاده ذلك إلى
محبة الإنسانية جمعاء،**بدلاً من التمسك بالحب الفردي والخاص. وتتالت
الأحداث المؤلمة في حياته، لكنها كانت تعضد باستمرار روح اللاتعلق عنده.
فبين عامي 1902 و 1918، انتزع منه الموت زوجه وثلاثة من أطفاله ووالده. لقد
أحس إنه مثل زهرة انتُزِعت بتلاتها واحدة تلو الأخرى، وأصبحت كالثمرة التي
سيأتي الموت ليقطفها في كمال نضجها كتقدمة لرب الحياة. ومع ذلك، فقد جعل
منه صفاؤه الواسع وضبطه لنفسه وخضوعه أمام الله الذي ورثه من والده، إنساناً
نادر العظمة. لم يكن الموت سراً بالنسبة له، ولم يكن ليستدعي الألم. وهكذا،
كانت إحدى أغنياته التي استلهمها غاندي منه تقول: أنا هذا البخور الذي لا
يضوع عطره ما لم يُحرق، أنا هذا القنديل الذي لا يشع ضوؤه ما لم يُشعَل**.
كان طاغور يتمتع بموهبة تحويل الألم إلى فرح. وكان يحب الحياة إلى حد**أنه
أراد ألا يضيع قداستها بالوقوف عند ما تسببه حركتها من شعور بالألم. كانت
مهمته**مزدوجة: اكتشاف ربه، إله الجمال، في الطبيعة والجسد والفكر والقول
والفعل، وتحويل الحياة وتعديلها لتصبح جميلة بكليتها. كتب في الـسادهانا
("تحقيق الحياة**"):
أين يمكنني أن ألقاك، إن**لم يكن في بيتي الذي أصبح بيتك؟ وأين يمكنني
الانضمام إليك، إن لم يكن في عملي الذي**صار عملك؟ إذا غادرت بيتي لن أبلغ
بيتك… إذا قعدت عن عملي محال عليّ أن أنضم إليك في عملك؛ إذ إنك تقيم فيّ
وأنا فيك**.
لقد انعكست روحه هذه على مركز التربية شانتي نيكيتان (أو "مرفأ**السلام")
الذي أسسه عام 1901، فأصبح بؤرة ديناميّة خلاقة لهذا الجمال، حيث تفتح
فيه**الشعر والرسم والموسيقى والرقص والمسرح والعلوم. لقد حقق طاغور من
خلال هذه المدرسة الرؤيا التي عبر عنها في مؤلفه الوحدة المبدعة، حيث تعطي
الطبيعة للإنسان معنى التوق إلى اللانهائي. فالإنسان في الطبيعة إنسان حرّ،
"ليس في اعتبار الطبيعة كمصدر لتأمين معيشته، بل كينبوع لتحقيق انجذابات
روحه إلى ما هو أبعد منه هو نفسه**."
لقد فجّرت المعاني السامية**للمحبة التي عبر عنها في جيتنجالي أملاً جديداً
للإنسانية وهي غارقة في الحرب**العالمية الأولى. وعندما كان طاغور يرتقب
الموت مريضاً ببصيرة صافية، وكانت الحرب العالمية الثانية قد اندلعت، أعلن
في يوم مولده الثمانين: عندما أجول ببصري من حولي، أقع على أطلال مدنية
مغرورة تنهار وتتبعثر في أكوام هائلة من التفاهة والعبث. ومع ذلك فلن أذعن
للخطيئة المميتة في فقدان الإيمان بالإنسان؛ بل إنني بالحري سأثبِّت نظري نحو
مطلع فصل جديد من فصول تاريخه، عندما تنتهي الكارثة ويعود المناخ رائقاً
ومتناغماً مع روح الخدمة والتضحية […] سيأتي يوم يعاود فيه الإنسان، ذلك
الكائن الأبيّ، خطّ مسيرته الظافرة على الرغم من كافة العراقيل، ليعثر على
ميراثه الإنساني الضائع**.
كانت فلسفة طاغور**فلسفة الأمل والثقة بالإنسان، المبنية على تفتح روحه،
وتطور وعيه، وتحقيق طاقاته**. **ولهذا فقد ارتبطت المثالية الإنسانية عند
طاغور بالعمل والتطبيق، وكان هو نفسه مثالاً لكل مبدأ أعلنه أو فكرة نادى
بها**.
*
*طاغور والمثالية الإنسانية*
*قال عنه غاندي إنه "منارة**الهند". والحق إنه صار منارة للشرق كله، ونداء
الإنسانية والمحبة والجمال. كان**مبدؤه البساطة والعمل؛ وهكذا فقد أضاء
شمعة بدلاً من لعن الظلام، فسطعت وأضاءت في النفوس التوّاقة إلى الحق. لذا،
كان ُيعدّ في حياته "أكثر الشعراء صوفية وأكثر الصوفيين شاعرية"؛ وفي ذلك
دلالة على ما بلغته نفسه من نقاء وصدق وما وصلت إليه **روحه من ارتقاء وحرية.
إنه طاغور الذي سحر الغرب بكتاباته، ثم انتشرت ترجماته في العالم كله، حتى
استحق جائزة نوبل للأدب عام 1913. لقد أبدع طاغور على مدى نحو ستين عاماً،
فكان معلماً روحياً بالدرجة الأولى، ومجدداً أدبياً واجتماعياً، وفيلسوفاً
وروائياً ومسرحياً ورساماً، وقبل ذلك كله شاعراً، كان ينهل من إرث روحي عريق في
البنغال، ومن تجربة داخلية عميقة كانت **ينبوعاً لا ينضب للإلهام والإبداع.
كان والده من كبار روحانيي البنغال، وكان يعيش في عزلة مستمرة لا يتركها
إلا لضرورة الاستمرار وتجدد الحياة. كذا فقد نشأ رابندرانات طاغور في جو من
الحساسية والشفافية، وكشفت له زيارتان قام بهما لوالده في الهملايا عن آفاق
جديدة وعن تجربة صوفية كان لها أثر كبير في حياته، ويمكن اختصارها
بعبارتين: محبة الطبيعة، ومحبة الله. *
*معرفة النفس*
*يتأسس فعل المعرفة على وحدة الأشياء والكائنات. والمعرفة في الجوهر**هي
معرفة النفس. فما نعرفه عن العالم بمعزل عنا لا يعدو كونه جملة من
المعلومات**النسبية. إن تفتح وعي الإنسان هو تفتح عالمه الداخلي. "لو كان
تفتح الوعي يتم خارج النفس لكان يجب أن يتم بلانهاية. ذلك أن الوقائع
متعددة ولانهائية، أما الحقيقة فواحدة." تقول الأوبانيشاد: "اعرف الروح
الذي هو روحك." ويفسر طاغور ذلك بقوله: "**حقق المبدأ الوحيد والعظيم
للوحدة القائم في جميع الناس."
تُعمي رغباتنا الأنانية رؤيتنا الحقيقية للروح. والحق أن النفس لا تجد
معناها إلا في التواحد مع الآخر؛ وفي ذلك فرحها أن تجد ذاتها في الآخرين.
ومع ذلك فالمحبة أشمل وأوسع من علاقة الفهم الجزئية هذه. فبالمحبة تجتاز
الروح حدودها إلى اللانهائي ويختفي معنى الاختلاف **تماماً.
"كذا، فإن مفتاح الوعي الكوني، وعي الله، كامن في وعي النفس. ومعرفة النفس
بعيداً عن الأنا الضيقة هي الخطوة الأولى باتجاه الانعتاق الأسمى." إن جوهر
هذه المعرفة هو المحبة، محبة العالم بما هو واحد معنا، ومحبة الذات بما نحن
روح وقبس من اللانهاية. وهذا يعني أننا نستطيع الارتفاع إلى هذه الروح فوق
كل رغبة وحقد وخوف، حتى نعلم أن فقدان **الأشياء المادية وحتى الموت لا
يحرماننا من حقيقة الروح.
إن طاغور لا يطلب منا التخلي عن العالم والانعزال عنه، بل الوصول إلى معناه
الأعمق بالتخلص من الأنانية. فطاغور لا يؤمن بالتبشير، ذلك أن المعرفة
لاتُحدّ بعقيدة أو طريقة أو منهج. إنما"الحقيقة بلاد لا طرق فيها"، كما يقول
كريشنامورتي. إن المعرفة هي العمل على الذات، وتنقيتها المستمرة من الشوائب
المترسبة في النفس. "وعندما نجد محور روحنا بالقوة التي توحّد العناصر
المتنازعة كلها، تتحول خواطرنا المفكَّكة كلها إلى حكمة، وتجد خلجات قلوبنا
كمالها في المحبة، وتنجلي غايات الأبدية في أدق تفاصيل حياتنا. وهكذا فإننا
لا نرى الواحد العلوي فينا بالمران أو بالتعليم، بل بالبصيرة المباشرة.
يساعدنا الحكماء والمعلمون على فهم أنفسنا وإدراك حقيقة العالم، لكننا نحن
من يجب أن يقوم بالعمل العظيم والدؤوب في تنقية نفوسنا حتى يشع النور فينا.
إن المعرفة لا تُحصَّل تحصيلاً، ولا تُحقَّق جزءاً فجزءاً، ولو استمر الأمر إلى ما
لانهاية. ولهذا يقول طاغور إن أعمق صلاة تصعَّدت من قلب الإنسان كانت: " أيها
الواحد المتجلي بذاته، تجلَّ فيّ." إن الخطيئة في نظر طاغور هي تخلي المرء عن
كلِّه ليربح جزءاً. وذلك ما يحجب عنا صفاء المعرفة. وعندما تلتقي نهائيّتنا مع
اللانهائي تزول الخطيئة، **ويتجلى "الواحد المتجلي بذاته" في روحنا.
يقودنا ذلك إلى تناول مسألة الشر في منظور المثالية الإنسانية**.
*
*المثالية ومسألة الشر *
*ليس ثمة شرّ بذاته، فالشر هو جهل ونقص في المعرفة والوعي. إن تعلقنا بالجزء
دون الكل يحجب عن بصيرتنا رؤيا وحدة العالم في قلب تعدده وتنوعه وثنائيته.
"نحن نرى الشرّ متأصلاً لأننا نعطيه شكلاً ثابتاً، في حين أنه متحرك مع حركة
الطبيعة. فحركة الموت والحياة حركة واحدة لا يكون فيها الموت حداً نهائياً."
وضمن هذه الحركة الكلية، يتمثل الخير في تنبهنا للتوق العميق فينا ولمعنى
وجودنا واتجاهه نحو الوحدة والحقيقة، ويكون الشرّ بالتالي عدم الاهتمام بهذا
التوق **وإسكاته والانصراف عنه.
إن حرية الإنسان ليست في التحرر من الألم، بل في احتماله وتحويله إلى إيجاب
وإلى فرح. ولا يتحقق لنا ذلك "إلا عندما ندرك أن نفوسنا الفردية ليست
الحقيقة الأسمى في وجودنا، وأن فينا الإنسان الكوني الخالد الذي لا يخشى
الموت والألم، والذي يرى في الألم الوجه الثاني للفرح." هكذا نتعلم أن نحول
شعورنا السلبي بالألم إلى ثراء من **القوة والحكمة والحب.
إن الخلاص الحقيقي هو الخلاص من الجهل أفِديا. فالجهل هو الذي يجعلنا مقيدين
بأنفسنا، فنظن أننا غاية أنفسنا ووجودنا. علينا ألا نستكين للشعور بالنقص
أو للأنانية، فنستغل أي شعور بالألم لتعظيم وتمجيد نفوسنا. فنحن بذلك إنما
نطبق الشر. إنما الألم هو "العذراء الطاهرة المكرَّسة لخدمة الكمال الخالد،
وحين تأخذ مكانها إلى جانب **مذبح اللانهاية تنزع نقابها الأسود وتكشف
وجهها لرائيها كأعظم تجلّ للفرح العلوي."
يشبّه طاغور حقيقة الألم بالمصباح الذي يحوي الزيت ويحفظه في وعائه المقفل
كيلا يضيع. لكن غايته الحقيقية ليست في فصل الزيت وعزله عن الأشياء من حوله
وإلا فسيكون مثالاً للتعاسة وللشرّ. ويجد الزيت معناه حين يضيء فيحقق صلته
بالأشياء ويصبح حراً بما هو داخل وعاء المصباح. إن نفسنا تشبه هذا المصباح؛
فهي تبقى مظلمة مادامت تدخر ممتلكاتها وتقبع في عزلة أنانيتها. لكنها، إذ
تجد نورها، ترفعه وتمدّه لأنه معناها وقد وجدته. كذا فإن الطريق الذي أشار
إليه البوذا ليس الزهد في النفس، بل رحابة المحبة والتضحية. فالمحبة هي
طريق الاستنارة لأنها الاستنارة. ولهذا فإن من يسلك هذا الطريق لا يسأل
لماذا، لأن المحبّ لا يسأل لماذا أحبّ! "لأن المحبة مكتفية بالمحبة…". "إنما
بالمحبة الكاملة نكتشف حرية أنفسنا. فوحده ما يتم بمحبة يتم بحرية، مهما
كان **مؤلماً."
ثمة رغبات فينا نحتاج إلى إشباعها، لكن ثمة أيضاً فينا قانون عضوي كلي يسعى
دائماً للحفاظ على صحتنا وتوازننا. وكذلك المجتمع محكوم بالتنافس والصراع،
لكن ثمة فيه أيضاً إرادة جمعية أعلى تشده إلى الخير. إن خلاص طبيعتنا
العضوية يكون في نيل الصحة، ويكون خلاص كائننا الاجتماعي في نيل الخير،
ويتحقق خلاص نفوسنا، بالتالي، في نيل المحبة. إن خلاص نفوسنا يتم بعبورها
من الصورة السلبية للحرية الأنانية، المتمثِّلة بالفوضى، إلى الصورة
الإيجابية للحرية ممثلة بالوعي والمحبة*
*المثالية والتحقيق *
*تبدو المثالية للوهلة الأولى عصية على التحقيق، ولهذا يعدّها الكثيرون عكس
"الواقع" الذي لا يحكمه أي انتظام. والحق إن فهمنا للواقع فهم سطحي غالباً،
إذ يقتصر على رؤية المتناقضات دون فهم أصولها، ودون رؤية حركتها الكلية في
صيرورة الوجود الغائية. *
*"إن المتعارضات لا تجلب الشواش إلى العالم، بل التناغم." وتؤيد الفيزياء
الحديثة هذه الرؤيا، حيث تولّد المنظومات الشواشية حالات الانتظام الذاتي.
إن ما ندركه من إيقاعات في الكون لا يمكن أن ينتج عن مصادفات الصراع، بل إن
مبدأه الأساسي هو الوحدة، سرّ الأسرار كلها. وهكذا، كما يتجلى الواحد في
التنوع والكثرة، فإن الواقع لا يحقق معناه إلا في مثالية الوحدة. *
*يختبر الإنسان تحقق هذه المثالية في أشكال بسيطة وكثيرة، ففرحنا بطفل أو
بزهرة أو بمحبة الآخر تغمرنا أو بفهم الكون والحياة، كلها مظاهر لتحقُّق آني
يفجّر مرّة بعد مرّة توقنا إلى اللامحدود. ومع ذلك، فإننا ننساق أحياناً في
بحثنا عن المعرفة وراء القوانين العامة، فنعتقد مثلاً أن قانون الجاذبية
يفسّر لنا علاقة الأجسام بعضها ببعض، في حين أن مفهوم الجاذبية نفسه لا يزال
غامضاً وبلا تفسير علمي. وكذلك الأمر بالنسبة للتطور؛ فالعبور من مملكة إلى
مملكة ومن نوع إلى نوع يدهشنا إلى حدّ ينسينا معه أن مفهوم التطور بذاته
لايزال سراً أدق وأعمق. والحق أن مفهومي الجاذبية و التطور يحملان بذاتهما،
فيما يتعدى القوانين، رؤيا كلية تجمعنا مع العالم وتوحِّدنا معه في تناغم
كلي. إن القوانين تفتح لنا نوافذ على كلية الكون، لكنها، إذا ما وقفنا
عندها، تحدّ من فهمنا الأعمق والكلي للظاهرة. فعندما نحلل قصيدة ما نصل إلى
قوانين لحنية وإيقاعية وفكرية وشكلية، لكنها ليست القصيدة، ولا ما يصلنا
منها ويوحدنا معها. كذلك علينا في تأملنا لقصائد الكون ألا نغرق في تحليلها
على حساب تناغمنا وتواحدنا معها. وهذا ما يحصل عندما ينصبّ العلم على دراسة
القوانين السببية، فتغيب عنه رؤية المعنى الأعمق لموضوعه بما هو مرتبط به.
إن شكل القصيدة كامن في قوانينها ونظمها، لكن روحها كامن في جمالها الذي
يحرك روح الجمال فينا. القانون هو الخطوة الأولى نحو الحرية، لكن الجمال هو
تحقيق الحرية كاملة، من حيث إن الجمال يناغم في ذاته المحدود واللامحدود،
القانون والحرية. *
*يتحقق المثال بالنسبة لطاغور بالمحبة والعمل، ويتجلى في الجمال واللانهاية: *
*آ. التحقيق في المحبة: *
*المحبة كمال الوعي. وبالتالي، يشير نقص فهمنا إلى عدم كمال محبتنا.
فالمحبة هي كل ما يحيط بنا، وليست مجرّد إحساس عاطفي، بل الحقيقة والفرح،
أصل كل شيء. فإذا كان وعينا مشوشاً، وكانت محبتنا لا تزال تحبو، فكيف نستقبل
هذا العالم ونتناغم معه وهو عطاء كامل من الفرح؟ إن قبول عطاء الحبيب لا
يكتمل إذا نظرنا إلى الهدية بمنظور الإفادة. ولكن عندما نأخذ الهديّة كهدف
بذاته، ونرى إلى أهميتها بذاتها، فإننا نقبل العطاء على أنه الكل وقد وهب
الكل. ذلكم مثال المحبة، أن نعطي بفرح كما أخذنا بفرح، فنعي أن الكون هو
نحن، وأننا الكون. *
*ب. التحقيق في الفعل: *
*إذا حاولنا تحقيق اللانهائي خارج نطاق الفعل والعمل فلن نصل إلى نتيجة.
فالحياة الروحية الحقّة توازِن بهدوء بين الداخل والخارج، فيصبح العمل
الخارجي عملاً على الذات؛ وينعكس بالمقابل عملنا على أنفسنا على حياتنا
لتصبح أكثر فرحاً ولاتعلقاً وإبداعاً. وهكذا نكرس أي عمل ننجزه لله؛ وهذا يعني
تكريس الروح في كل ما تفعل لله، وتلكم هي حريتها. وتولد الغبطة عندما يصبح
كل عمل نقوم به طريقاً إلى الاتحاد بالله. *
*تقول الأوبانيشاد: "إن المعرفة والقدرة والفعل من طبيعته." لكننا لم نصل
بعد إلى وعي ذلك وعياً طبيعياً فينا، ولهذا نميل إلى فصل الفرح عن العمل.
فالعمل مرتبط عندنا بالحاجة، ولهذا لايكون يوم عملنا يوم فرح، بل يوم تعب،
ولهذا يلزمنا يوم راحة وعطلة. وغالباً ما نبحث عن الفرح في هذا اليوم بطرق
مختلفة، لكننا لا نبلغ في مسعانا أكثر من الترفيه والتسلية. أما الفرح
الحقيقي فلسنا نجده إلا عندما نستطيع أن نجد يوم عطلتنا في يوم عملنا، أي
يوم يصبح عملنا مصدر فرح لنا. يقول طاغور: *
*آه، أيها المعطي لنفسه! إذ نراك في ملامح فرحك، فهلا استطاعت نفوسنا
الطيران بحماس نحوك مثل الشعلة، والجري إليك مثل النهر، والتماس كيانك كله
مثل عطر الزهرة؟ ألا أعطنا قوة المحبة؛ أن نحب بامتلاء حياتنا في أفراحها
وأتراحها، في نجاحها وفشلها، في ربحها وخسارتها! هلا كانت لنا القدرة أن
نرى ونسمع كونك وأن نعمل فيه بكامل حماستنا! أن نحيا الحياة التي أعطيتنا
بامتلاء، وأن نأخذ ونعطي بشجاعة. *
*ج. تحقيق الجمال: *
*مادام تحقيقنا للجمال والحق ناقصاً سيظل ثمة بالضرورة انقسام بين المعلوم
والمجهول. فكما في العلم، يدخل إحساسنا بالجمال كل يوم مواقع لمّا تُكتشَف
بعد. لكن الجمال لا يُدرك في جوهره تدريجياً، لأنه ليس مجموعة أجزاء. وهو
أيضاً لا يُدرك في الخارج بقدر ما يولد من الداخل. إن الجمال مثل الحقيقة،
كلي الحضور، ولهذا فكل شيء في الوجود قادر على إعطائنا الفرح، وكل ما في
الوجود يمكن أن يعكس الجمال المشع من أعماقنا. *
*لا يوجد الخطأ والقبح في نظام الكون، بل في فهمنا وفي طريقتنا السلبية في
التعامل مع العالم. نحن من يخلق البشاعة كلما زاد إصرارنا على المضي ضد
التناغم الكوني. إن فهمنا الفيزيائي والعلمي للعالم يزيد من تفتح روح
الجمال فينا، وإن توقنا إلى المعرفة يؤجج شعلته ويذكيها في قلوبنا. وهكذا
إنما نحّول إدراكنا للعالم إلى مشاركة في الخلق والإبداع. "إن هدف حياتنا
الأكمل هو معرفة أن الجمال حقيقة؛ إنه الحقيقة الجمال." *
*د. تحقيق اللانهاية: *
*إن توقنا إلى اللانهاية، إلى الله، هو وجودنا الحق. ولا يمكننا أن نحوِّل
هذا التوق إلى مجرد رغبة، فنمتلكه كما نمتلك الأشياء الجميلة، ونضمه إلى
ذخائرنا! بل إن هذا التوق، على العكس تماماً، هو
الذي يمتلك علينا حياتنا، وإذا حولناه إلى مملوك قتلنا أنفسنا. إن الروح
لتزهد بكل ما هو محدود، وتسعى في توقها إلى اللانهائي إلى التحرر من ربقة
هذا العالم، وهي بذلك فقط إنما تعبّر عن حقيقتها السامية. إنها مثل الطائر
الذي يعرف عندما يحلق في السماء أن السماء بلا حدود وأن جناحيه لا يستطيعان
حمله إلى ما وراءها وإلى آفاقها اللانهائية. إنما في ذلك فرحه! فرغم أن
السماء تكفيه وتزيد عن حاجته للطيران والتحليق، لكن الضرورة ليست بكافية
لتسبب فرحه. إن حاجته إلى الطيران ليست مبعث سروره حين يفرد جناحيه للآفاق
البعيدة. ذلك إنه يشعر أن ما لديه أكبر بما لا يحدّ مما يحتاج أو يفهم!
كذلك تحلق روحنا في سماء اللانهاية وهي تشعر أن عدم قدرتها الآنية على
الوصول إلى كمال إدراكها يحمل مع ذلك فرحها العلوي وحريتها الأخيرة. كذا
يهب الإنسان نفسه إلى اللانهائي، فتكون غبطته أشبه بالقطرة وهي تغيب في
المحيط. *
*الإنسان غير كامل في ظرفه الحالي، لكنه يسعى إلى الكمال. إنه ضئيل في
موقفه اليوم، لكنه لو ظل واقفاً حيث هو الآن فإنه سيخلق الجحيم القابل
للتخيل الأكثر هولاً. فالإنسان لانهائي، وبقاؤه حيث الضرورة يفقده معناه.
لهذا فهو يعرف الله بالحرية والفرح والمحبة. إن العقل ينفصل عن الأشياء
ليدركها كراصد لها، في حين يحب القلب الأشياء فيعرفها بالاتحاد معها. ومثل
هذه المعرفة المباشرة لا تحتمل الشك، ولا يتم لنا ذلك إلا لأننا فُطِرنا على
ما لا يحدّه الزمان والمكان، وجُبِلنا بالوحدة الكاملة لروح اللانهاية. *
*عندما يتم الاتحاد، يختار الروح الأعلى روحنا عروساً له، فيكتمل الزفاف،
وتُنشد الترتيلة الخالدة: "فليكن قلبك وقلبي سواء." ويقول طاغور: "لا مكان
في هذا العرس للتطور والمراحل والإرشاد. إنه الحضور الذي لا يُعبّر عنه."*
طاغور الهنود
الاثنين، 1 ديسمبر 2014
*السلوك في علم النفس*
*السلوك في علم النفس*
**
*قال فيليب زيماردو في كتابه ضروريات*
*علم النفس والحياة نحن نتعلم في صغرنا القواعد للحياة وطرق السلوك من
نماذج الكبار *
*المحيطون بنا فالأطفال يراقبون ويتذكرون ويتحمسون*
*لتقليد سلوك الكبار كما أن لديهم القدرة أن يذهبوا لمدي أبعد *
*من الذي يقومون بملاحظته وسماعه .*
*ماهو السلوك ؟ ومن أين يأتي ؟ وهل في استطاعتنا تغييره ؟*
*ماهو هو السلوك ؟*
*طبقا لكلام د. تشاد هلمستتر مؤلف كتاب ماذا*
*تقول عندما تحدث نفسك " السلوك هو مانفعله أو ما لا نفعله " فالسلوك *
*معناه التصرف كيف نتصرف أو كيف لا نتصرف ؟ وهو العامل المباشر*
*المتحكم في نجاحنا أو فشلنا بمعني انك اذا كنت تحب عملك فستكون ضعيف الأداء*
*والنتيجة التي سوف تصل اليها هي عبارة عن انعكاس لتصرفاتك وسلوكك*
*فاذا كان سلوكك ايجابيا فالنتيجة ستكون ايجابية أما اذا كان سلوكك ذو صبغة
سلبية فستكون*
*حتما سلبية فمثلا اذا كان هناك أزمة في المرور*
*تسببت في تأخيرك وخروجك عن أعصابك أما اذا انتهزت*
*فرصة ذلك الموقف وأمضيت الوقت في سماع موسيقاك*
*المفضلة أو شريطا به معلومات قد تفيدك وتمدك بأفكار *
*ايجابية فالنتيجة ستكون مختلفة تماما .*
*مصادر السلوك :*
*أولا : المؤثرات الخارجية :*
*فيمكن أن تكون للمؤثرات الخارجية تأثيرا علي اعتقادك*
*وسلوكك ونظرتك تجاه الأشياء والمواقف .*
*1-*
*برمجة عن طريق الوالدين :*
*فاذا لاحظت أنهما*
*يدخنان فغالبا ما ستقوم بتقليد هذا السلوك وتتعود*
*علي التدخين واذا نصحوك بألا تثق في أحد وأن تحذر الناس لأنهم *
*عبارة عن وحوش فغالبا ما ستكون النتيجة أنك لا تثق في احد حولك وتشك في جميع*
*المحيطين بك .*
*وفي نفس الوقت اذا كان والدك يتصرفان بطريقة ايجابية*
*وحماس في مواجهة التحديات فغالبا ما ستشب علي هذة الطريقة وتحاكيهم في ذلك .*
*صورة *
*2-*
*برمجة عن طريق المدرسة :*
*فمثلا اذا لم تكن تحب مدرس المادة فانك غالبا*
*ما ستكون ضعيفا في هذه المادة وسيكون سلوكك تجاهها سلوكا سلبيا*
*والطريقة التي يتصرف بها الاخرون في*
*المدرسة غالبا ما سيكون لها الأثر الفعال علي سلوكك أنت شخصيا*
**
**
*3-*
*برمجة عن طريق الأصدقاء :*
*اذا أخترت مجموعة أصدقائك من المدخنين*
*فانك ستتأثر بهم وستقوم بالتعود علي التدخين والعكس بالعكس فاذا قرر أحد
الأطفال*
*الهروب من المدرسة أو تعاطي الخمور فان ذلك غالبا ما يكون بتأثير*
*الأصدقاء لأن لهم أكبر الأثر علي السلوك .*
*صورة *
**
*4- برمجة عن طريق وسائل الاعلام :*
*اذا كان نجمك المفضل يتعاطي الخمور او المخدرات فمن الممكن أن تتأثر به
وتسلك نفس السوك*
*وهناك كثر من الأمثلة التي تؤيد أن لوسائل الاعلام*
*أكبر الأثر علي السلوك وبالتالي علي مدي قدراتنا علي تحقيق اهدافنا .*
*ثانيا : التجارب والخبرات :*
*عندما يمر الشخص بتجربة ما فيتعلم*
*منها ويكون قد تبرمج علي سلوك معين عن طريق تجربته *
*مثال علي ذلك*
*يحكي أن رجلا كان يشكو بعدم*
*ثقته في النساء وذلك لتجربة قد مر بها وانه كان متزوج*
*ولديه طفلين وكانت حياتهم ممتازه للغاية الا أن تركته زوجته لارتباطها *
*برجل اخر واخذت معها الاطفال والان يشعر بالوحدة ولكنه مع ذلك يخشي أن يرتبط*
*بامرأة أخري حتي لا يمر مرة ثانية بنفس التجربة*
*وما حدث لهذا الرجل هو أن حكمة وتقديرة*
*بحصوص المراة كان نابعا من تجربته وبالتالي كان له أثر علي احساساته وسلوكه .*
*ثالثا : عزة النفس :*
*هناك تأثيرا كبيرا علي سلوكك ينبع*
*من تقديرك وتقييمك لنفسك وأيضا مدي ثقتك*
*واحترامك لها وقد قال ناتانييل براندن مؤلف كتاب كيف ترفع من*
*عزة نفسك " ان شعورنا تجاه أنفسنا يؤثر بطريقة حاسمة علي كل مظهر*
*من مظاهر تصرفاتنا " فاذا كانت درجة عزة النفس عن أحد الأشخاص منخفضة فان
هذا *
*الشخص سيقوم بتعويض هذا النقص في الأكل بشراهة مثلا أو مشاهدة التليفزيون*
*ليلا ونهارا ومن الممكن لهذا الشخص أن يشعر بعدم الكفاءة وعدم الأمان ويشك*
*أيضا في قدراته علي النجاح والعكس بالنسبة للشخص الذي يشعر*
*بتقدير كبير تجاه نفسه ودرجة احترامه لها عالية فانه يتصرف بثقة*
*وجرأة ويحقق دائما نتائج أفضل ويعيش*
*حياة أفضل .*
*صورة *
**
*رابعا : النظرة الذاتية :*
*ان الطريقة التي تري بها نفسك أي*
*أن الصورة التي في ذهنك عن نفسك لها أكبر الأثر*
*علي سلوكك وفي ذلك قال د/ ماكسويل مولتز في كتابه سكيو سيبرنتك " أن النظرة*
*الذاتية هي المفتاح لشخصية الانسان وسلوكه فاذا قمت بتغيير*
*النظرة الذاتية فانك ستغير الشخصية والسلوك " وقال أيضا " أن كل تصرفاتك*
*واحساساتك وسلوكك وحتي قدراتك دائما ما تكون طبقا لنظرتك*
*الذاتية لنفسك .*
*صورة *
*خامسا : النتائج :*
*اعتقاداتك عن نفسك تؤثر علي نتائجك كما أن*
*النتائج أيضا تضيف الي اعتقاداتك وتؤثر فيها فالمصدران يؤثران علي*
*سلوكك في المستقبل ولتوضيح ذلك نأخذ مثلا امكانية الانزلاق علي الجليد فاذا*
*مارس احد الاشخاص هذه الرياضة ثم وقع وأصيب بكسر في ساقه مثلا ثم*
*لاحظ أن كثيرا من الناس أيضا يقعون أثناء ممارستهم لها فان هذا الشخص*
*سيكون أكثر حذرا في المستقبل وربما يصل خوفه الي درجة الابتعاد*
*كلية عن هذه الرياضة واذا كان عندك اعتقاد بأنك غير قادر*
*علي الانزلاق علي الجليد ولكن بتأثير من أصدقائك*
*اقتنعت أن اتخوض هذه التجربة وكانت*
*تجربة ناجحة فان ذلك سيولد عندك الاعتقاد الجديد بأنك قادرا*
*علي ممارسة هذه الرياضة ومن المحتمل أن تمارسها *
*مرات عديدة بعد ذلك*
*فالنتائج التي تحصل عليها يكون لها تأثيرا علي سلوكك .*
*سادسا :التفسير الشخصي للمواقف :*
*ان الطريقة التي تدرك بها المواقف وتفسرها*
*تؤثر علي حكمك عليها وبالتالي علي سلوكك*
*فعندما ندرك أي موقف ونحكم عليه بالسلبية او الايجابية*
*فاننا نميل الي أن يكون سلوكنا طبقا لحكمنا فادراكنا*
*لأي موقف أو فهمنا لأي شخص بطريقة معينة عادة*
*ما يكون له كبير الأثر علي سلوكنا تجاه ذلك الموقف أو ذاك الشخص .*
**
اثر العلوم السلوكية في فهم السلوك التنظيمي
لفهم السلوك التنظيمي لابد من البحث والتعمق في العلوم السلوكية
وهي علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم الأجناس.
*فعلم النفس*يركز بشكل مباشر على فهم سلوك الفرد والتنبؤ به، ولعلم
النفس عدة فروع منها (علم النفس العام، وعلم النفس الصناعي أو
التنظيمي، وعلم النفس العلاجي أو الإكلينيكي، وسلوك العملاء،
والشخصية وعلم النفس الاجتماعي، وعلم النفس التربوي، وعلم الجمال
...... وغيرها)، ولكل فرع منهجه في فهم السلوك، ويتفق علماء في كل
هذه المجالات على أن الدافعية والتعلم من العوامل الرئيسية المحددة
للسلوك. وتشير الدافعية في الغالب إلى العمليات الذهنية التي تدفع
إلى السلوك المعين (القوة التي تدفع الناس لفعل ما)، والتعلم عملية
تتعلق بالتغيرات المستمرة نسبيا في السلوك وتكيفه بمرور الزمن.
وللتعلم نتائج ومفاهيم منها: السلوك المسبب، وللسلوك غاية وهو موجه
لهدف محدد، وينتج السلوك من تفاعل عوامل الوراثة (خصائص الجينات)
وما نتعلمه (عوامل الوراثة)، ومن خلال تفاعل العوامل الوراثية
والبيئة يتكون لدى الفرد نموذج لخصائص شخصية. ويختلف الأفراد عن
بعضهم في القيم الذاتية والاتجاهات والشخصيات والأدوار، وفي نفس
الوقت توجد لدى جماعة معينة قيم وسمات مشتركة تساعد في تشكيل سلوك
الفرد، ويرتبط ذلك بعملية التعلم والتي تستمر طوال حياة الفرد.
*ويصف علماء الاجتماع علم الاجتماع*بأنه *دراسة تفاعل البشر *(يكون
تبادل الفعل هو تأثير البشر بعضهم على بعض في أوضاع اجتماعية
مختلفة)، وانه *دراسة السلوك الجماعي* (يكون تفاعل شخص أو أكثر
نموذجا للسلوك الجماعي)، وانه أيضاً *الدراسة المنظمة للنظم
الاجتماعية* (المنظمات) (والنظام الاجتماعي (المنظمة) هو الوحدة
الاجتماعية التي يتم بناؤها بخدمة غرض ما، وتتكون من شخصين أو
أكثر، وتتفاوت مستوياتهم وتختلف أدوارهم ويلعبون دورا في نظام
يعتمد بقاؤه على أساس مادي وثقافي). ويرى علماء الاجتماع أن
المنظمات تتكون من أناس مختلفون لهم ادوار مختلفة ودرجات مختلفة من
السلطة، وتحاول المنظمات تحقيق أهداف معينة عامة وأخرى محددة.
*أما علم الأجناس *فيهدف إلى معرفة العلاقة بين الناس وبيئتهم
بصورة أفضل. وما يُكون الثقافة هو مقدار التكيف مع البيئة المحيطة،
وتشمل الثقافة الأفكار المشتركة بين جماعات من الأفراد، واللغات
التي تُنقل بها الأفكار، فالثقافة نظام للسلوك المكتسب. ولدراسة
العلاقة بين الناس والثقافة يلزم جمع وتسجيل البيانات المتعلقة
بهما معا. ومن الممكن أن تؤدي معرفة بعض الفروق الثقافية بين
العاملين في المنظمة إلى قدر أكبر من الموضوعية والعمق في تفسير
سلوكهم وأدائهم.
لقد كان للعلوم السلوكية تأثيرات كبيرة على مجال السلوك التنظيمي،
ومن هذه التأثيرات ما يلي:
1. الاستخدام المنظم للنظريات وبناء النظريات لتفسير السلوك.
2. أساس تجريبي لدراسة الأفراد والجماعات والمنظمات.
3. الاستخدام المتزايد لأساليب البحث الدقيقة.
4. الحد من استخدام التخمين والافتراض في الوصول إلى قرارات إدارية.
5. العمل على نقل النظريات والأفكار والأبحاث إلى المديرين
والعاملين في المجال الإداري.
تفسير 10 سلوكيات يشترك بها جميع البشر
إننا نفعل الكثير من الأفعال كل يوم ونقوم بمعظمها دون أي تفكير. إنها سيئة
للغاية لكن تفسير دوافع معظم تلك السلوكيات العادية مثيرة جداً وقد قام
العلم باكتشافها وعرضها علينا .
*سلوك تفضيل الشقراوات :*
من المعروف والشائع أن الرجال يفضلون الشقراوات ، وطبعا أثبت العلم أن هذا
الميل له اسس بيولوجية . فالمرأة الشقراء تتمتع بلون بشرة عاكس للضوء أي
براق ، فبمثل هذا النوع من البشرة من السهل جداً ملاحظة أي عيب في الجسد
لذلك يفضل الرجال الارتباط بالنساء الشقراوات لأنهم قادرين على رؤية تلك
العيوب بسهولة فمن خلالها يستطيعون استقراء صحة اولادهم في المستقبل .
وبالطبع ينطبق الأمر ذاته لدى النساء فهن يسعين لتلك الصفات في الذكور أيضاً
، إذاً تم اثبات القول المأثور (( الجميع يفضل الشقر )) .
*سلوك خداع الشريك :*
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الشخص غير مخلص لشريكه ، ولكن وبعيداً عن
الجانب النفسي ، فإن الفكرة القائلة أن هناك اشخاص الخداع والغش موجود في
جيناتهم فهي صحيحة وبشكل حرفي . اكتشف العلماء جين سمونه RS3 334 ، واطلق
عليه بالعامية باسم جين الطلاق . وقد تم اجراء اختبارات طلب فيها من كلا
الرجال والنساء بملئ استبيان عن زواجهم ، وتبين أن الذكور يحملون جين واحد
أو اثنين على الأقل من جين RS3 334 ، وقد ذكر كلا الجنسين على حد سواء
التعاسة والمشاكل الزوجية المتكررة التي يعانونها . ومن المعتقد أن هذه
الجينات تؤثر وتفرز مادة الفاسوبريسين في الجسم ، وهي مادة كيميائية مسؤولة
عن الارتباط والزواج البشري الاحادي .
*سلوكيات العناق :*
hugging
هناك الكثير من الافعال المتأصلة في عاداتنا والتي لا نتوقف عن التفكير بها
والتساؤل عن سبب قيامنا بها وبشكل دائماً . تعتبر المعانقة اساساً هي
الاستحواذ على الشخص الآخر دون أي سبب وبدون انتظار أي نتائج وبدون أي وقت
زمني محدد ويبدو هذا التصرف غريباً عند تحليله . لكن استطاع العلم بتفسيره
فأرجعوه إلى أن فعل المعانقة هو اتصال وثيق من انسان إلى آخر ، ففي أثناء
المعانقة يتم فرز هرمون الأوكسيتوسين ، وهو هرمون مسؤول عن الثقة والتعلق ،
فسلوك المعانقة سلوك مفيد جداً في التواصل وخاصة أثناء التواصل الجنسي حيث
يفرز هرمون الأوكسيتوسين بهدف التزاوج لإثارة دافع الانجاب . كما أن دماغك
يفرز هذا الهرمون (( الأوكسيتوسين )) عند التواصل بالعين وعند قيامك بأفعال
راضي وسعيد بها وحتى يفرز هذا الهرمون أثناء ربتك للكلب .
*سلوكيات كره الغرباء :*
shy
يشعر معظم الاطفال بالخوف من الغرباء وقد تم تفسير ذلك كيميائياً ، حيث
يدفعنا هرمون الأوكسيتوسين ، وهو نفس الهرمون الذي يكسبنا الثقة عند معانقة
الشخص الآخر ، إلى عدم الثقة بالأشخاص الغرباء الذين لا نعرفهم . وقد اجريت
دراسة طلب فيها من المشاركين فيها استنشاق إما مادة الأكسيتوسين أو دواء
وهمي واللعب بألعاب جماعية والانخراط مع الآخرين لتحفيز دافع التعاون .
وعندما قام مجموعة من المشاركين باستنشاق مادة الأوكسيتوسين ظهر ارتفاع
مستوى سلوك التعاون فيما بينهم ، في حين ظهر مستوى منخفض جداً في التعاون
بالنسبة للمجموعة الاخرى . وهذا على الأرجح ما يدفع آبائنا بالاعتناء
بأفراد عائلتهم وخوفهم الدفاعي تجاه سلوك الغرباء التي يتعرض لها افراد
عائلتهم .
*سلوكيات الحك :*
scratching
إننا نقوم بحك جلدنا طوال الوقت ، لكن هل هناك أي افادة من هذا السلوك ؟
يعتبر خدش الجلد ، أو بكلمة أدق حك الجلد ، وسيلة للقضاء على المهيجات أو
الكائنات الضارة الموجودة على الجلد ، فعلى سبيل المثال عندما تمشي نملة
على قدمك تقوم بالحك مكانها فبهذه الحالة تعد يدك فرشاة تبعد هذه النملة
بعيداً عن قدمك . إذاً يعتبر هذا السلوك مفيد ، لكن ما الذي يجعلنا نحك جلدنا
في الكثير من الأوقات ؟ فالحشرات لا تمشي على جلدنا دائماً ، حسناً من وجهة
علم السلوك التطويري يعتبر الشعور بالخطر أحد محفزات سلوك الحك ؛ أي أن
سلوك الحك ليس بأمر خطير قد يؤدي إلى مشاكل كما هو معروف .
*سلوكيات مجادلة أو التحدث مع نفسك :*
arguing with myself
يقدم لك شخص ما لوح شوكولاتة ، من جهة تريد أكله ولكن من ناحية اخرى قلق من
زيادة وزنك ، إذاً دعنا نقوم بصفقة كُل هذا اللوح وأعدك أن اذهب إلى النادي
الرياضي غداً . مع من بالضبط قمت بهذه الصفقة ؟ تقنياً عقدتها مع شخص آخر
وذلك على الأقل وفقاً لدماغك . طبعاً يختلف طبيعة وشدة هذا النوع من الحوارات
من شخص لآخر ، لكن في كثير من هذه الحالات يتم استخدام نفس جزء من الدماغ
الذي يعتبرك شخص آخر عند التفكير بنفسك في المستقبل . لا شعوريا ستنظر إلى
نفسك في المستقبل وبشكل حرفي على أنك شخص آخر مختلف تماماً .
*سلوك الضحك :*
يبدو سلوك الضحك سخيفاً بعض الشيء عند تحليله لكن عندما يأتي بسلسلة من
الضحك المصحوب أصوات عالية فيجده الأنسان سلوك طريف . فالمناطق الدماغية
التي تتحكم بسلوك الضحك تتحكم أيضاً بالتنفس والكلام إذا يعتبر الضحك سلوك
مبدئي لأدائنا إذاً من المؤكد أن له غرض لكن ما هو ؟ . يعتقد العلماء أن
سلوك الضحك دليل على التواصل البشري المرح ، مشيرين إلى مدى ثقتنا بالآخرين
المتواجدين معهم . وهذا يفسر لما الضحك معد . وظهرت الدراسات أن البشر أقل
عرضة لسلوك الضحك عندما يكونون لوحدهم .
*سلوك التعب في الليل :*
G2911P 0157
الكل يعلم أننا ننام في الليل ونستيقظ في الصباح ، لكن ما الذي يتحكم بهذا
السلوك بالضبط ؟ فمعظمنا لا يستطيع التحكم بوقت غفونا أو استيقاظنا ، لكن
ما الذي يجعلنا نقوم بهذا النظام ؟ الجواب وبكل بساطة هو (( الميلاتونين ))
، حيث التعرض للضوء يؤدي إلى مجموعة متنوعة من النشاطات الكيميائية
والهرمونية التي تساعدنا في الذهاب إلى اعمالنا وفي انشطتنا اليومية ،
ويحدث نفس الأمر ولنفس السبب لكن بشكل عكسي ليلاً . فالميلاتونين هرمون
طبيعي يساعدنا على النوم وهو مكون من قبل الغدة الصنوبرية المسؤولة عن
النوم والاستيقاظ الذي يفرز عندما يحل الظلام فقط . ويبقى مستوى
الميلاتونين عالي نسبياً نحو 12 ساعة قبل التعرض للضوء في صباح اليوم التالي
فتبدأ بالانخفاض . غير أن المشكلة لدينا أنه لا يمكن خداع الغدة الصنوبرية
بالضوء الاصطناعي ، حيث إن وجدت في غرفة مظلمة في وضح النهار أو في غرفة
منارة في الليل لن يؤثر ذلك في الساعة البيولوجية لأجسادنا .
*سلوك العدوانية :*
quarrel
هل سبق سألت نفسك لماذا يفقد الناس اعصابهم ؟ فالغضب والعدوانية مشاعر لا
نستطيع السيطرة والتحكم بها على الاطلاق . من المسؤول عن غضبنا ؟ والاجاب
هي اللوزة الدماغية وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن العدوان والحاق الاذى
وإذا تضخم هذا الجزء من الدماغ أو تعرض للضر يؤدي إلى ارتفاع في مستوى
السلوك العدواني لدى الانسان . حيث تتلقى قشرة الفص الجبهي نبضات من اللوزة
معلومات تقرر ما إذا كان ينبغي القيام بإجراءات مناسبة للموقف المتعرض له
الانسان ، ويمكن أن يلحق الضرر بهذه المنطقة ، كصدمة جسدية أو ورم أو تشوه
خلقي ، إلى نبضات ساحقة تسبب غرائز ودوافع عدوانية يتصرف بها الشخص بتصرفات
غير اخلاقية .
*سلوك الميول الجنسي تجاه الأطفال :*
ds
طبعاً يعتبر الميول الجنسي تجاه الاطفال سلوك غير مشترك وغير مقبول لدى جميع
البشر ، لكن في بعض الحالات قد يكون نتيجة حالة مرضية جسدية ، ففي عام 2000
شعر رجل متزوج بميوله للأطفال وادمانه للأفلام الاباحية مصحوبة بصداع شديد
في الرأس . وطبعا اسرع في الطلب المساعد واستشارة الأطباء فتبين وجود ورم
في دماغه بحجم البيضة تقوم بالضغط على قشرة الفص الجبهي المسؤولة عن
الغرائز ، وعند ازلتها عاد سلوك الرجل إلى وضعه الطبيعي واختفت تلك الرغبات
البغيضة .
فهذا النوع من الحلات نادرة الحدوث إلا أن هناك احتمال بحدوثها . فعندما
نواجه تلك التقلبات الشديدة العادية ، يكون السؤال الأبرز : هل انت من
يتحكم بأفعالك أم أنها مجرد تفاعل تلك المواد الكيمياوية في جسدك ؟
*علم النفس السلوكي*
*Behavioral Psychology*
يعتمد علم النفس السلوكي على دراسة السلوك من خلال استخدام المنهج العلمي
لدراسة الوظائف العقلية و أنماط السلوك، و ذلك من خلال دراسة سلوكيات
الأفراد و المجموعات، و مع تنوع و تعدد مدارس و اتجاهات علم النفس المختلفة
التي تختص كلٍ منها بدراسة جانب معين من جوانب النفس، فكان من الطبيعي أن
تنشأ مدرسة فكرية في علم النفس تهتم في المقام الأول بدراسة السلوك. و لقد
نشأ علم النفس السلوكي لدراسة السلوك الإنساني مما يسهم في أساليب العلاج
النفسي و التأهيل النفسي و المهني، و أساليب اختيار الأفراد للمهن
المختلفة... إلخ. و يكون السلوك إما سلوكاً ظاهراً كالانفعالات المختلفة مثل
الحزن و الغضب و غيرهما أو باطناً كالتفكير و الأحلام و التذكر و غيرهم. و
يتكون السلوك من مثير و استجابة ، أما المثير فقد يكون داخلي كالجوع أو
العطش أو الخوف أو خارجي كالأصوات و الأضواء والمؤثرات البيئية المختلفة ،
و ليس بالضرورة أن تكون الاستجابة بنفس مقدار المثير، لأن السلوك ليس
استجابة ميكانيكية يمكن أن ينطبق عليه قانون الفعل ورد الفعل لنيوتن ، أي
أنه ليس بالضرورة أن يكون بنفس المقدار و لا أن يكون مضاد في الاتجاه ،
فالسلوك ظاهرة نفسية و ليس ظاهرة فيزيائية، يدخل فيها عوامل أخرى تؤثر في
شكل الاستجابة، هذه العوامل قد تكون خبرات سابقة ، أو الوسط المحيط أي
الظروف التي حدث فيها المثير ، و بالتالي تكون الاستجابة متغيرة حسب هذه
العوامل أو غيرها من العوامل .
*و قد أسس جون واطسون John Broadus Watson أول مدرسة سلوكية كإمتداد
للمدرسة الوظيفية عام 1912 م ، وكان مبدأها :* إن علم النفس يدرس السلوك
القابل الملاحظة فقط و البعد عن دراسة الوعي و الخبرات الشعورية و التركيز
فقط على السلوكيات التي بإمكاننا ملاحظتها بشكل مباشر فقط و البُعد عن
تفسيرات الغرائز و الشعور و الإرادة و التفكير، أي أنه تعتمد هذه المدرسة
على دراسة السلوك بالملاحظة و التجريب نظراً لرؤيتها للسلوك على أنه أي
استجابة أو نشاط قابل للملاحظة ، لذلك كانت تجري تجارب على الحيوانات لفهم
السلوك الإنساني . و دراسة أصل السلوك من حيث كونه وراثي أم بيئي و الذي
انطلق منه أن دراسة السلوك الملاحظ باستخدام الطرق العلمية الموضوعية قد
أظهر أن الإنسان كائن يستقي سلوكه بحتمية بيئته و لا يرى أن هناك ما يسمي
عوامل داخلية أو صانعة للسلوك و أنه ليس هناك أي داعي لدراسة أي عوامل أخرى
باعتبارها مؤثرة من وجهة نظره حيث أن كافة النشاطات مهما كانت معقدة يمكن
ملاحظتها و إخضاعها للقياس. و أساس المدرسة السلوكية تعتمد على العلاقة
التآثرية بين "المثير" و "الاستجابة" . و ترى هذه المدرسة أن الدوافع
الموجهة نحو غاية بعينها لا تحرك الإنسان و لكنها تتأثر بالمثيرات
الفيزيقية فتصدر عنها استجابات عضلية و غددية مختلفة .
و تعد المدرسة السلوكية امتداداً للمدرسة الوظيفية بالرغم من أنها خلقت رداً
على الاختلاف بين الوظيفيين _المدرسة الوظيفية التي كان رائدها (وليام جيمس
William James)_ في الطرق و الأساليب التي انتهجوها في علم النفس، و كان
واطسون يتخذ المنهج العلمي في دراسة و ملاحظة السلوك بطرق موضوعية ، أي
دراسة السلوك الظاهر الذي يمكن ملاحظته مباشرةً ، السلوك الذي يتكون ببساطة
من مثير واستجابة .
*من أهم رواد المدرسة السلوكية بعد مؤسسها جون واطسون:*
1. إدوارد ثورنديك Edward L. Thorndike
2. كلارك هول Clark Leonard Hull
3. إدوارد تولمان Edward Tolman
4. بوروس فردريك سكينر B. F. Skinner
*مبادئ المدرسة السلوكية:*
• السلوك هو وحدة الدراسة النفسية.
• كل أنواع السلوك نتاج التعلم ، و السلوك المضطرب هو نتيجة تعلُم خاطئ من
البيئة، و البيئة لها دور أساسي في تعلُم السلوك أكبر من دور الوراثة.
المنهج المستخدم في الدراسة هو أسلوب الملاحظة المباشرة و المنهج العلمي
كأسلوب موضوعي يختلف عن منهج الاستبطان الذي اتبعته المدرسة البنائية ، و
الذي يفتقر للدقة ، و إمكانية التعميم .
• الاهتمام بنواتج السلوك أكثر الظاهرة أكثر من العمليات العقلية الداخلية .
• النظر إلى السلوك على أنه ارتباطات تتشكل من مثيرات و استجابات .
*تجربة ألبرت الصغير:*
هناك تجربة شهيرة تسمى تجربة "ألبرت الصغير Little Albert Experiment"،
التي قام بها واطسون بمعاونة مساعدته وزوجته (روازلي راينر Rosalie Rayner)
في عشرينيات القرن العشرين ويعرفها كل دارس لعلم النفس حيث قام بتعريض طفل
صغير أُطلق عليه اسم ألبرت، قام بتعريضه لعدد من المؤثرات، حيث وضع أمامه
فأراً أبيض فقام الطفل بمحاولة تلقائية للمس الفأر حيث لم تكن لديه أي مخاوف
مسبقة من الفأر الأبيض، وكان واطسون يأمر مساعديه بعمل صوت مزعج خلف الطفل
عند محاولته للمس الفأر، وتم تكرار التجربة في كل مرة يحاول ألبرت لمس
الفأر الأبيض يحدث الصوت المزعج، حتى اقترن الصوت المزعج بالفأر الأبيض ، و
بعدها وضعها الفأر أمام الطفل مرة أخرى دون الصوت المزعج ، و لكن رد فعل
الطفل الصغير تحول إلى البكاء و الفزع من الفأر الأبيض بمجرد رؤيته ، أيضاً
تحول خوفه من الفأر الأبيض إلى الخوف من أي شيء له ملمس الفراء أو ذو فراء
أبيض كالدمى الفراء المحشوة، وهو ما يسمى بظاهرة التعميم، حيث أصبح يخاف
حتى من كل الحيوانات ذات الفراء ، و حتى قطعة فراء بيضاء ، و أن المرض
النفسي سلوك متعلم، و هو ما يدل على أن الإنسان لا يولد و لديه مخاوفه بل
يكتسبها من البيئة ، و ليس بالوراثة ، أي أن المخاوف المختلفة هي سلوك خاطئ
تم تعلمه من البيئة ، أثبتت التجربة إمكانية إحداث خلل أو اضطراب بصورة
تجريية ، و بالتالي يمكن أيضا علاج هذا الاضطراب عن طريق قواعد علم النفس
والعلاج النفسي السلوكي ،كما أن تلك التجربة أثارت انتقادات أخلاقية ، حيث
أنها أكسبت هذا الطفل مخاوف لم يكن يعاني منها من قبل ، لأن العلم يرفض
إيذاء الإنسان فماذا عن طفل صغير تعرض لتجربة لإثبات فرضية معينة ، كما أن
هناك بعض الاكتشافات التي قام بها مجموعة من علماء النفس المعاصري (هال بيك
Beck Hall) ، (شارمان Sharman) ، و (جاري أيرونز Gary Irons) مؤخراً عام
2009 بخصوص الهوية الحقيقية لألبرت الصغير، و هي أنه كان يدعى دوجلاس ميريت
، و أن والدته كانت ممرضة تدعى أرفيلا ميريت و كانت تعمل بمستشفى جامعة جون
هوبكنز John Hopkins University حيث كان يعمل واطسون و يجري تجاربه و
للأسف فقد توفي عام 1925 عن عمر ست سنوات بسبب مرض يدعى (استسقاء الدماغ
hydrocephalus)، و هو ما جعل بعض الانتقادات الحديثة تدعي أنه لم يكن طفلًا
طبيعياً و بالتالي لا يمكن تعميم نتائج التجربة التي أجريت عليه ، ولكن كان
أساس تجربة واطسون أنه طفل سليم، وجدير بالذكر أنه لم يتم إجراء تجارب
مماثلة على أطفال بعد تجربة ألبرت الصغير.
*أساليب دراسة السلوك:*
هناك عدة أساليب لدراسة السلوك، يمكن تلخيص بعضها فيما يلي:
*الملاحظة العامة :* و تنقسم بدورها إلى نوعين هما : الملاحظة المفتوحة ، و
الملاحظة المقيدة :
*الملاحظة المفتوحة :* تكون لسلوك موضوع الدراسة في محيطه الطبيعي دون تدخل
، و دون افتراضات مسبقة ، و يتم رصد و تسجيل الملاحظات فقط دون التدخل أو
التحكم أو إدخال أي متغيرات خارجية ، هذا عن السلوك الظاهر الذي يمكن
ملاحظته ورصده ، و لكن هناك أنواع سلوك غير ظاهرة لا يمكن رصدها وملاحظتها،
كالأحلام، والتفكير، والذاكرة، فيتم اللجوء إلى المقابلة الشخصية أو دراسة
الحالة أو قراءة ما يكتبه الشخص عن نفسه من مذكرات.
*بعض عيوب أسلوب الملاحظة المفتوحة:*
• يُعاب على هذه الطريقة أنها قد تكون غير موضوعية، حيث قد يدخل الرأي
الشخصي للباحث في عملية الرصد أو قد يفسر أنماط السلوك أثناء رصدها، أو قد
ينحاز لرأي معين .
• نقص الدقة فيما يتعلق بالجزء المتعلق بالسلوك الداخلي حيث يكون الشخص
موضوع الدراسة هو مصدر المعلومة، خاصة إذا طُلِبَ إليه أن يصف سلوكًا معينًا أو
أحداث مرتبطة به، كما أن نوعيا الأسئلة التي توجه للأشخاص قد تختلف باختلاف
الأشخاص، فلا يمكن مقارنتها، واستخدامها في القياس، ولكن يمكن التغلب على
بعض أوجه النقص في أسلوب الملاحظة المفتوحة، باستخدام الوسائل التكنولوجية
كآلات التصوير والتسجيل التي تسمح بالرصد الدقيق المستمر، لموضوع البحث،
بدلًا من وجود العنصر البشري، الذي يفتقد بعض الدقة والموضوعية، ويكون لدى
الباحثين في هذا المجال كم مهول من المعلومات وعليه أن يستخرج منها
المعلومات التي تفيده، على سبيل المثال فإن رصد سلوك طفل صغير في يومٍ واحد
فقط قد يملأ أكثر من أربعمائة صفحة .
• وجود الباحث لرصد الأفراد موضوع السلوك، قد يؤثر في سلوكهم وتصرفهم بطريق
طبيعية وتلقائية لمعرفتهم بوجود من يراقب تصرفاتهم .
الملاحظة المقيدة: في هذا النوع من الملاحظة يكون لدى الباحث سلوك معين
يسعى لملاحظته هو بالذات، والتركيز عليه دون غيره من أنماط السلوك، يعاب
على هذه الطريقة أنها قد تتجاهل تسجيل بعض الظواهر أو السلوكيات الجديرة
بالدراسة في مقابل الاهتمام بالسلوك موضوع الدراسة، ولكنها مع ذلك أكثر دقة
في الرصد من أسلوب الملاحظة المفتوحة، وهو ما يعوض وجه النقص الخاص
باقتصارها على دراسة وجه واحد من أوجه السلوك.
*أوجه دراسة السلوك :*
1.*الوقت:* يقوم الباحث بملاحظة أنماط معينة من السلوك في وقت معين، فإذا
كان عليه أن يرصد سلوك ستة أطفال يلعبون مثلًا في خلال فترة زمنية معينة،
ولتكن ساعة، فعليه أن يتابع كل طفل على حدة لمدة دقيقتين كاملتين، على مدار
خمس مرات وتسجيل السلوك المُلاحظ، كما أن الإنسان يصدر سلوكيات معينة في
فترات معينة من الزمن، وتختلف هذه الأوقات من نمط لآخر ويتم تحديدها مسبقًا
تبعا لطبيعة السلوك، وتتراوح بين ثوانٍ معدودة وساعات كأن يتم دراسة سلوك
العدوان عند الأطفال في كل عشر دقائق أولى من أربع ساعات متصلة خلال مرحلةٍ
ما، أو دراسة بعض جوانب سلوك تلاميذ المرحلة الابتدائية خلال اليوم
الدراسي، فيختار الباحث حصتان واحدة في أول اليوم الدراسي، والأخرى في
نهايته، مرتان في الأسبوع على مدار العام الدراسي.
2. *وحدات السلوك*: وحدات السلوك هي أي تغير يحدث في طريقة استجابة موضوع
الدراسة، والتغير الذي طرأ في بيئتها، حيث لا يتعامل الباحث مع السلوك
كوحدة متجانسة، بل يتعامل معه كجزيئات، ويقوم بدراسة كل تغير يحدث، ثم يتم
تجميع وحدات السلوك المختلفة وتحليلها وتصنيفها إلى فئات، مثال لوحدات
السلوك عند وجود طفلين يلعبان بالرمال على الشاطئ وتغير سلوك أحدهما من
استخدام الرمال في بناء القصور إلى وضعها في رأس الطفل الآخر أو بعثرتها،
هذا تغير في الاستجابة أي وحدة سلوك، أو تغير سلوك الأطفال من اللعب إلى
العدوان.
3. *الطريقة التجريبية*: هي الطريق المستخدمة في كل مجالات البحث العلمي،
حيث تحقق كل أهداف البحث العلمي الفهم، التنبؤ، التحكم، و تتكون كأي منهج
بحث علمي، من متغير مستقل، ومتغير تابع، ومجموعة ضابطة و مجموعة متغيرة.
4. *الطريقة الإكلينكية*: ويقصد بها دراسة تاريخ الحالة، وتستخدم بعض
أساليب القياس بالإضافة إلى طرق الملاحظة الطبيعية، أو بتوجيه بعض الأسئلة
للشخص، أو قراءة مذكراته، أو معرفة أراء الأشخاص المحيطين به، ويوجه لهذه
الطريقة نفس النقد الموجه لأسلوب الملاحظة المفتوحة من حيث ذاتيتها وعدم
موضوعوعيتها من خلال تدخل رأي الباحث الشخصي أو تأويله وتفسيره للحالة
أثناء الفحص والملاحظة.
5. *القياس*: هي تعريض كل فرد من أفراد العينة لموقف ما لقياس أنماط
استجابة كل فرد، وأوضح مثال على القياس بعض الامتحانات مثل الاختيار من
متعدد وأسئلة الصواب والخطأ، والاستفتاءات والمسوحات الميدانية لقياس الرأي
العام لمسألة ما، والهدف الأساسي هو معرفة أنماط الاستجابات المختلفة، وليس
تحليلها.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)