الخميس، 6 ديسمبر 2012

من أسرار النفس البشرية

*من أسرار النفس البشرية تأثير الأفكار عليها في المشاعر والسلوك*


 *من أسرار النفس البشرية تأثير الأفكار عليها في المشاعر والسلوك


 كثيرون منا قرأوا أو سمعوا باسم كتاب " دع القلق وابدأ الحياة " للمؤلف " ديل كارنيجي " ، الذي اختار لأحد فصوله عنوان " حياتك من صنع أفكارك " .. فإذا راودتنا أفكار سعيدة أصبحنا سعداء ، وإذا سيطرت علينا أفكار التعاسة غدونا أشقياء ! وإذا تملكتنا أفكار الخوف أو المرض فغالباً سوف نصبح مرضى أو جبناء نشعر بالذلة ! وإذا فكرنا في الإخفاق أتانا الفشل سريعاً ! وإذ دأبنا نتحدث عن متاعبنا ونندب حظنا ، ونرثي لأنفسنا فسوف يهجرنا الناس ويتجنبون صحبتنا ، فكل واحد عنده ما يكفيه من المتاعب والمشكلات ! ثم يقول : أعرف رجالاً ونساءً بوسعهم إقصاء القلق والمخاوف والأمراض ، بل حولوا مجرى حياتهم تحويلاً شاملاً عن طريق " تحويل أفكارهم " .. الإيحاء الذاتي هذا مبدأ قديم وهو " تاثير الأفكار في حياة الإنسان " ، وهذا ما يعرف في علم النفس ب " البرمجة العصبية اللغوية " أو ال " Nlp " . تحدث الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله عن " الإيحاء الذاتي " في كتابه " الفوائد " ، وقال : إن صلاح الأفعال والعادات مبني على صلاح الخواطر والأفكار ، وردُ الأفكار الخاطئة وإبعادها عن الذهن منذ البداية أيسر من قطعها بعد أن تصبح عادة مستحكمة " . إن قوة الإيمان والعقل والحكمة تعين الإنسان على اختيار أحسن تلك الخواطر والأفكار ، وعلى دفع السيئ منها . الأفكار الضارة والنافعة : هنا يثور سؤال مهم : كيف نزرع الأفكار النافعة ، ونقتلع الأفكار الضارة ؟ الفكرة الضارة تُقتلع بزرع فكرة نافعة مضادة لها . فأفكار الخوف نعارضها بإفكار الشجاعة ، وأفكار القلق بأفكار الاطمئنان ، وأفكار التردد بأفكار الإقدام ، وافكار ضعف الثقة بالنفس بأفكار قوة النفس والثقة بها ، وهكذا ... أما الأفكار النافعة فمن أفضل وسائل زراعتها بعد الدعاء المخلص وصدق اللجوء إلى الله تعالى : اختيار عبارة قصيرة معبرة تكون بصيغة المتكلم ولا يكون فيها نفي ولا استقبال . مثال ذلك : رجل يريد الإقلاع عن التدخين ، يكتب على ورقة صغيرة : ( لقد أقلعت عن التدخين والحمد لله ) . ويردد هذه العبارة خمس دقائق في الصباح ومثلها في المساء ، بتركيز وإيمان ، ويوحي لنفسه بأنها تحققت ، ويتخيل نفسه قد تخلص من هذه الآفة وتحسنت صحته . أما لماذا ينبغي أن تخلوا العبارة من " النفي والاستقبال " فلأن العقل الباطن لا يمكن برمجته إلا بالتوكيدات كما وُجد بالتجربة . تطبيقات عملية : * إنسان مريض أخذ بأسباب التداوي والعلاج ، وألحّ في الدعاء : يُنصح أن يكتب بخط كبير " وإذا مرضت فهو يشفين " . ويعلقها في غرفة نومه مثلاً ، ويرددها كل يوم صباحاً ومساءً مع الإيمان العميق بها . * إنسان واجهته قضية حيرته ولا يدري ماذا يفعل ؟ ! يُنصح أن يكتب بخط كبير : " وأفوض أمري إلى الله " ثم يتبع الخطوات المذكورة . * إنسان تنازعه نفسه أن يستثمر ماله في مشاريع فيها بعض الشبهات ، أن يكتب قوله تعالى : " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " ويردده حتى تنصرف نفسه عما فيه شبهة إلى ما هو متيقن من حله . * طالب تُغريه الصوارف عن المذاكرة ويراوده الكسل وحب الراحة يكتب مثلاً قول الشاعر : لا تحسب المجد تمراً أنت آكلهُ *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا * سيدة تشكو من زيادة وزنها ، تُنصح بأن تقرأ مقالات علمية عن أضرار السمنة وعن الغذاء الصحيح ، وضرورة ممارسة الرياضة . وتكتب عبارات مثل : " أنا أكره الدهون والحلويات " ، " لقد تخلصت من وزني الزائد " ، " أنا أمشي كل يوم " . حينما تُبرمج عليها عقلها الباطن يظهر أثرها بعد ذلك في سلوكها بإذن الله . تلك لمحاتٌ يسيرة عن أثر " الأفكار " في حياة الإنسان في حالاته النفسية والجسمية والعاطفية والصحية و الاجتماعية ، عسى أن يجد القارئ فيها نفعاً . راجياً أن يجد التفاعل المأمول وأن نرى أفكاراً نيرة مفيدة في هذا المجال ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق