الاثنين، 10 ديسمبر 2012

هولاكو جنكيز خان


هولاكو جنكيز خان ... (والزحف المدمر) 

هولاكو خان (1217-1265) هو حفيد جنكيز
 خان و أخ كوبلاي خان و مونكو خان .

هولاكو ابن تولي -ومن أم مسيحية- أرسل من قبل أخيه مونكو في عام 1255
لإكمال ثلاث مهمات في جنوب غرب آسيا, الاولى كانت لإخضاع قبيلة اللُر -أناس
في جنوب إيران، من ما يسمى لرستان، ثانيا تدمير طائفة الحشاشين, وثالثا
تدمير الخلافة العباسية في بغداد.



حملة هولاكو  على إيران

لم يكن هولاكو  قد جاوز السادسة
والثلاثين من عمره حين عهد إليه أخوه "منكوقا آن" بهذه المهمة فخرج على رأس
جيش هائل قُدّر بنحو 120 ألف جندي من خيرة جنود المغول، بالإضافة إلى كبار
القادة والفرسان، وحرص الخان الأكبر أن يوصي أخاه قبل التحرك بأن يلتزم
بالعادات والتقاليد ويطبّق قوانين جده جنكيز
 خان، وأن يكون هدفه هو إدخال البلاد
من ضفاف نهر "جيحون" حتى مصر في دولة المغول، وأن يعامل من يخضع لسلطانه
معاملة طيبة، ويذيق الذل من يبدي المقاومة حتى ولو كان الخليفة العباسي
نفسه، فعليه أن يزيحه ويقضي عليه إذا ما اعترض طريقه.

وحقق هولاكو  هدفه الأول بالاستيلاء
على قلاع طائفة الإسماعيلية سنة (654هـ = 1256م) بعد معارك عديدة واستماتة
بذلها أفراد الطائفة في الدفاع عن حصونهم وقلاعهم، لكنها لم تُجدِ نفعا إزاء
قوة الجيش المغولي، وكان لقضاء المغول على هذه الطائفة المنحرفة وقع حسن
وأثر طيب في نفوس العالم الإسلامي، وعمّه الفرح على الرغم مما كان يعانيه من
وحشية المغول وسفكهم للدماء؛ وذلك لأن الإسماعيلية كانت تبث الهلع والفزع
في النفوس، وتشيع المفاسد والمنكرات والأفكار المنحرفة.



هولاكو في بغداد

مضى هولاكو  في تحقيق هدفه الآخر
بالاستيلاء على بغداد والقضاء على الخلافة العباسية؛ فأرسل إلى الخليفة
المستعصم بالله يتهدده ويتوعده، ويطلب منه الدخول في طاعته وتسليم العاصمة،
ونصحه بأن يسرع في الاستجابة لمطالبه؛ حتى يحفظ لنفسه كرامتها ولدولته
أمنها واستقرارها:"عندما أقود جيشي إلى بغداد في حالة غضب, ساقبض عليك سواء
أختبئت في الجنة أو في الارض. ساحرق مدينتك وأرضك و شخصك. أذا كنت حقا تريد
حماية نفسك و عائلتك الموقرة, أسمع نصيحتي, وأن أبيت ذلك فسترى مشيئة الله
فيك."، لكن الخليفة رفض هذا الوعيد وقرر أن يقاوم، على الرغم من ضعف قواته
وما كان عليه قادته من خلاف وعداء، فضرب هولاكو
 حصاره على المدينة المنكوبة التي لم
تكن تملك شيئا يدفع عنها قدَرَها المحتوم، فدخل المغول بغداد سنة (656هـ =
1258م) وارتكب هولاكو  وجنوده من
الفظائع ما تقشعر لهوله الأبدان.

اهتز العالم الإسلامي لسقوط الخلافة العباسية التي أظلّت العالم الإسلامي
أكثر من خمسة قرون، وبلغ الحزن الذي ملأ قلوب المسلمين مداه حتى إنهم ظنوا
أن العالم على وشك الانتهاء، وأن الساعة آتية عما قريب لهول المصيبة التي
حلّت بهم، وإحساسهم بأنهم أصبحوا بدون خليفة، وهو أمر لم يعتادوه منذ وفاة
النبي (صلى الله عليه وسلم).

هولاكو يجتاح الشام

شرع هولاكو  بعد سقوط بغداد في
الاستعداد للاستيلاء على بلاد الشام ومصر، وفق الخطة المرسومة التي وضعها
له أخوه "منكوقا آن" فخرج من أذربيجان في رمضان (657هـ = 1259م) متجها إلى
الشام، ونجح بالتعاون مع حلفائه المسيحيين في الاستيلاء على "ميافارقين"
بديار حلب، وهي أول مدينة تبتدئ بها الحملة المغولية، ولم تسقط إلا بعد
عامين من الحصار، نفدت خلالها المؤن، وهلك معظم سكان المدينة، وبعد سقوط
"ميافارقين" واصل هولاكو  زحفه نحو
"ماردين" فسقطت بعد ثمانية أشهر، وفي أثناء حصار "ميافارقين" كانت قوات من
جيش هولاكو  تغزو المناطق المحاورة
فاستولت على "نصيبين" و"حران" و"الرها" و"البيرة".

بعد ذلك تقدم هولاكو  على رأس قواته
لمحاصرة حلب، ونصب المغول عشرين منجنيقا حول المدنية وصاروا يمطرونها بوابل
من القذائف حتى استسلمت في (التاسع من صفر 658هـ= الحادي والثلاثون من
يناير 1260م) وبعد حلب سقطت قلعة "حارم" و"حمص" و"المعرة"، وأصبح طريق
الحملة مفتوحا إلى دمشق.

ولما وصلت الأنباء باقتراب المغول من دمشق فرَّ الملك "الناصر يوسف الأيوبي"
مع قواته، تاركا مدينته لمصيرها المحتوم، ولم يكن أمام أهالي دمشق بعدما
عرفوا ما حل بحلب بعد مقاومتها لهولاكو سوى تسليم مدينتهم، حتى لا تلقى
مصير حلب، فسارع عدد من أعيانها إلى زعيم المغول يقدمون الهدايا ويطلبون
منه الأمان، في مقابل تسليم مدينتهم فقبل هولاكو
 ذلك، ودخل المغول المدينة في (السابع
عشر من صفر 658هـ= 2 من فبراير 1260م).

رحيل هولاكو  المفاجئ إلى إيران

أدى تحقيق الانتصارات المتتالية للمغول إلى الاعتقاد بأنه لن تستطيع قوة في
الأرض أن تتصدى لهم، وأن هؤلاء بلاء من الله سلطه على المسلمين الذين ركنوا
إلى الراحة وأهملوا قرآنهم وسُنّة نبيهم وخارت عزائمهم.. وفي وسط هذه الحيرة
جاءت الأنباء إلى هولاكو  بوفاة أخيه
"منكوقا آن خان" في (شعبان 657هـ= أغسطس 1259م) وكان عليه أن يكون قريبا من
عملية اختيار خان جديد للمغول، ويساند ترشيح أخيه الأوسط "قوبيلاي" لهذا
المنصب، فاضطر إلى العودة إلى إيران وكان في نيته أن يكتفي بما حققه، ولكنه
عدل عن ذلك بسبب إلحاح القوات المسيحية التي كانت معه على الاستمرار في
الغزو واستعادة بيت المقدس من المسلمين، فأبقى قوة من عساكره تحت إمرة أمهر
قواده كيتوبوما (كتبغا) لإ عملية الغزو.

انتهاء أسطورة المغول في عين جالوت

وقبل أن يغادر هولاكو  الشام (سنة
658هـ = 1260م) أرسل إلى قطز رسالة كلها وعيد وتهديد، يدعوه فيها إلى
الاستسلام وإلقاء السلاح، وأنه لا جدوى من المقاومة أمام قوة كُتب النصر لها
دائما، غير أن السلطان قطز لم يهتز لكلمات هولاكو، أو يتملكه الخوف والفزع
كما تملك غيره من قادة الشام فآثروا الهوان على العزة والكرامة، والحياة
تحت سلطان وثني على الموت والاستشهاد دفاعا عن الدين والوطن.

وكان قطز على قدر الحدث العظيم والخطب الجلل، فقتل رُسل هولاكو، وخرج للقتال
ولم ينتظر قدوم المغول، والتقى الفريقان في (15 من رمضان 658هـ = 24 من
أغسطس 1260م) في موقعه "عين جالوت" بفلسطين، وحمل المسلمون على المغول
الذين كانوا تحت قيادة كتبغا حملة صادقة، وقاتلوهم باستبسال وشجاعة من
الفجر حتى منتصف النهار، فكتب الله لهم النصر، وهُزِم المغول هزيمة منكرة
لأول مرة في تاريخهم، بعد أن كانت القلوب قد يئست من النصر عليهم.

وكان لهذا النصر أثره العظيم في تاريخ المنطقة العربية والعالم الإسلامي،
بل في تاريخ العالم بأسره؛ حيث احتفظت مصر بما لها من حضارة ومدنية، وطردت
المغول من دمشق، وأصبحت بلاد الشام حتى نهر الفرات تحت حكم المماليك، وخلّصت
أوربا من شر عظيم لم يكن لأحد من ملوكها قدرة على دفعه ومقاومته.

هولاكو بعد الهزيمة

حاول هولاكو  أن يثأر لهزيمة جيشه في
عين جالوت، ويعيد للمغول هيبتهم في النفوس؛ فأرسل جيشا إلى حلب فأغار عليها
ونهبها، ولكنه تعرّض للهزيمة بالقرب من حمص في المحرم (659هـ = ديسمبر
1260م) فارتد إلى ما وراء نهر الفرات.

ولم تساعد الأحوال السياسية المغولية في أن يعيد هولاكو
 غزواته على الشام ويستكمل ما بدأه،
فبعد موت "منكوقا آن" تنازع أمراء البيت الحاكم السلطة وانقسمت
الإمبراطورية المغولية إلى ثلاث خانات مستقلة، استقل هولاكو
 بواحدة منها هي خانية فارس، ثم دخل
هولاكو  في صراع مع "بركة خان"
القبيلة الذهبية، مغول القبجاق (جنوب روسيا) واشتعلت الحرب بينهما.

وكان هولاكو  يعد نفسه نصيرًا وحاميًا
للمسيحية بتأثير زوجته "طقز خاتون" في الوقت الذي أسلم فيه بركة خان ومال
إلى نصرة المسلمين، وأدى هذا الصراع إلى تعطل النشاط الحربي لهولاكو في
الشام، ثم ما لبث أن أدى نشوب الحروب الداخلية بين أمراء المغول إلى توقف
عمليات الغزو والتوسع ا.

هولاكو يشجع العلماء


مرصد مراغة




وعلى الرغم مما اشتهر به هولاكو  من
قوة وغلظة وإسراف في القتل وسفك الدماء، فإنه لم يغفل تشجيع رجال الأدب
والعلم، فحظي "الجويني" المؤرخ الفارسي المعروف بتقدير هولاكو، ونجح في
إقناع هولاكو  بألا يحرق مكتبة
الإسماعيلية، وكان من نتيجة ارتحاله إلى منغوليا ووقوفه على الأحوال هناك
أن ألّف كتاب "تاريخ جنكيز  خان
وأخلافه". ويؤثر عنه أنه كلف العالم الرياضي "نصير الدين الطوسي" ببناء
مرصد في مدينة "مراغة" زوده بأدق الأجهزة المعروفة في زمانه، ويقال بأن
المكتبة التي أنشأها الطوسي وألحقها بالمرصد كانت تحوي ما يزيد على 400 ألف
مجلد.

وفاة هولاكو

وفي (19 من ربيع الأول 663هـ 9 من يناير 1265م) توفي هولاكو
 بالقرب من مراغة وهو في الثامنة
والأربعين من عمره، تاركا لأبنائه وأحفاده مملكة فسيحة عرفت بإيلخانية
فارس، ولم تلبث زوجته "طقز خاتون" أن لحقت به، وحزن لوفاتهما المسيحيون
بالشرق، وعدّوهما من القديسين.

عرف المغول باسماء مختلفة منها المغل التتر التتار وهي مسميات واحدة لشعب
واحد يتكون من قبائل متعددة ويعتبرون جميعا من الترك والمغول اهل بداوة
ينتقلون في مواطنهم من مكان الى اخر في وسط اسيا ويغيرون على الاقاليم
المجاورة لهم ثم ينسحبون الا ان غارات هذه الجماعات البدوية كانت بربرية
مدمرة .


وفي مطلع القرن السابع الهجري / الثالث عشر الميلادي دخل المغول في صراعات
داخلية انتهت بظهور جنكيز  خان زعيماً
لهم والذي استطاع ان يوحدهم ويوجه نشاطهم نحو الاقاليم المجاورة كما وضع
لهم قانوناً ينظم حياتهم ومعاملاتهم معتمدا على الاعراف والتقاليد
سمي”السياق “ .
واحتكاك المغول بالعالم الاسلامي بدأ سنة 616 هـ /1219 م حين احتكو بدولة
خوارزم وكان غزوهم للاقاليم الخوارزمية كارثة كبيرة وغارة مدمرة لم تتوقف
عند ما وراء النهر او خراسان بل استمرت لتحطيم كل المشرق الاسلامي بما في
ذلك العراق وبغداد حاضرة الخلافة العباسية واجزاء من الجزيرة الفراتية
وبلاد الشام وتم ذلك خلال اربعين سنة فقط من بدء تحرك المغول باتجاه العالم
الاسلامي حتى اوقفهم عند حدهم اهل الشام ومصر في”عين جالوت “ (658هـ/ 1260 م) .
لقد ارتكب هؤلاء المغول البرابرة فضائع وحشية واعمالاً تخريبية من قتل
واحراق وتخريب لكل مظاهر الحضارة في المجتمع الاسلامي انذاك .
وقد عكس المؤرخون احاسيس الرأي العام وردود فعلهم كما شاهدوه من الهلع
والفزع ولعل ابى الاثير كان خير من عبر عن ذلك حين قال . عن سنة ( 617هـ/
1220م) :
لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة امتعاضا لها كارها لذكرها .
فان اقدم لها رجلا واخر اخرى ظن الذي يسهل عليه ان يكتب تعين الاسلام
والمسلمين ومن الذي يهوم عليه ذلك .
اما ياقوت الحمودي فيقول :
”فانا لله وانا اليه راجعون من حادثة تقصم الظهر وتهدم العمر “
لقد بدأ الغزو المغولي يهدد الخلافة العباسية والعراق منذ سنة (618هـ/1221
م) ولكن السد الذي وقف حاجزاً بين المغول والعراق كان الدولة الخوارزمية الا
ان جنكيز  خان استطاع ان يحطم قوة
خوارزم شاه علاء الدين محمد الذي فر الى احدى جزر بحر قزوين ومات هناك ..
وعاد جنكيز  خان الى بلاده حيث توفى
هو الاخر سنة 620هـ/ 1233 م .
ولقد كان بامكان الخلافة وامراء الاطراف في المشرق الاسلامي ان ينتهزوا
فرصة انسحاب المغول بقيادة جنكيز  خان
الى موطنهم الاصلي سنة 620هـ/1223م لكي يكونوا جبهة موحدة تحسبا لهجوم
مغولي جديد لكن شيئا من هذا لم يحدث فان خوارزمشاه الجديد جلال الدين منكو
بوتي انصرف الى محاربة امراء المسلمين بدل المغول وحقد على الخلافة
العباسية واعتبرها مسؤولة عن وفاة والده .
وهكذا غدت الخوارزمية من دون حليف فتمكن المغول منها سنة 628هـ/1230م وقتل
جلال وحيدا هارباً بيد الاكراد .
اما الايوبيون في مصر وبلاد الشلم فانشغلوا بالمنازعات فيما بينهم بعد وفاة
الملك العادل ( اخو صلاح الدين الايوبي ) سنة 615هـ/1218م في الوقت الذي
كانت تهددهم الكيانات الصليبية القديمة والحملات الصليبية الجديدة مثل حملة
فردريك الثاني امبراطور بروسيا الى الشام سنة 629هـ/1231م وحملة القديس
لويس التاسع ملك فرنسا سنة 657هـ/1258 م.
وفي الفترة بين وفاة جنكيز  خان وتولى
منكو خان زعامة المغول سنة 649هـ/1251م واصل المغول القيام بعمليات غزو
مفاجئة وغارات متعددة ومتواصلة على المدن والاقاليم الممتدة بين خرسان
واسيا الصغرى والجزيرة الفراتية وحدود العراق .وكان هدفها السلب والنهب
والتدمير واثارة القلق والبلبلة واشاعة حالة من الفوضى من اجل جس النبض
لقوة امراء الاطراف وتحسس قوة جيش الخلافة ومدى تاثيرها على ملك وامراء
الاقاليم الاسلامية الاخرى وقد وصلوا في حملاتهم هذه الى خانقين وداقوق بل
انهم سنة 650هـ/1252م بلغوا حران والرها وديار بكر وميافارقين وصادفوا
قافلة متجهة الى بغداد فنهبوا اموالها وقتلوا شيوخها واسروا نساءها
وصبيانها ثم انسحبوا نحو اذر بيجان .
وعلى ذلك فان سقطوا بغداد على يد المغول لم يكن حدثا مفاجئاً باغت به المغول
الخلافة العباسية بل ان الناس وامراء الاطراف والمؤرخين والوعاظ كانوا
يستغيثون منبهين الخلافة والحكام على هول الخطر منذ ان انهارت دولة خوارزم
. على ان الزحف المغولي الذي جعل هدفه العراق هو زحف هولاكـو اخـو (
منكوخان) الذي كلف بقيادة الحملة الجديدة وتحرك من معسكر في (قواقوز)
سنة651هـ/1253م ووصل اسوار بغداد في محرم سنة 656هـ/1258م بعد ان اسقط في
الطريق قلاع الاسماعيلية الواحدة تلو الاخرى .
تعرض المشرق الاسلامي بما فيه بغداد حاضرة الخلافة العباسية ومركز العالم
الى اقسى محنة يمكن ان يسجلها التاريخ وليس فقط من الناحية العسكرية بل من
الناحية السياسية والحضارية على حد سواء
فلم يخسر المسلمون معركة او معارك متوالية ضد العدو المغولي الوثني فحسب بل
خسروا ماديا وبشريا ما لايمكن تعويضه اما الحياة المدنية فقد تدهورت بسبب
الخراب وهدم المدن وهرب الصناع والحرفيين والتجار ومقتلهم .وقد سجل
المؤرخون تحطيم المغول للحياة الثقافية والعلمية فقد احرقت الكتب والقيت في
البرك والاوحال وفي نهر دجلة ولكن من المسؤول عن هذه النكبة ؟وما هو موقف
الخلافة ؟فقد كان ضعف الخلافة وتفكك اوصالها بحيث اصبحت عاجزة عن المقاومة
ويلقي الدكتور جعفر خصباك هذه المسؤولية على الخلفاء الاربعة المتاخرين وهم
(الناصر لدين الله ،والظاهر ،والمستنصر ،والمستعصـم ) .



نشأته :

في عام 1255م ولد هولاكو  لأبيه تولوي
خان (أصغر أبناء جنكيز  خان) و أمه
سرخقتاني بكي, التي كانت من إحدى قبائل الترك التي كانت تعتنق المذهب
النسطوري من الديانة النصرانية في منغوليا.

كانت والدته نصرانية نسطورية ، و كذلك زوجته دوقوز خاتون وهي حفيدة طغرل
خان ملك قبائل الكيرايت التركية، الذي كان ملك الصين قد لقبه بوانغ خان,
وأقرب صديق له كتبغا.

كان هولاكو  شديد الولع بالحضارة
الفارسية و ثقافتها, فكان أن أصبح خان بلاد فارس, ومؤسس عهد الخانات فيها.
و كان العديد من معاونية و مستشاريه من الفرس.

أرسل من قبل أخيه مونكو في عام 1255 لإكمال ثلاث مهمات في جنوب غرب آسيا,
أولاً: لإخضاع قبيلة اللُر - في جنوب إيران، من ما يسمى لرستان، ثانياً:
القضاء على طائفة الحشاشين, وثالثاً: إخضاع الخلافة العباسية في بغداد و
الدولة الأيوبية في الشام و دولة المماليك البحرية في مصر. و أمره أخوه
منكو خان أن يعامل الذين يستسلمون له برحمة و أن ينكل بمن لم يستسلموا.

سقوط بغداد
1- جارية ترقص وتغني بين يدي الخليفة والتتار محيطون ببغداد .

2- إيكال أمر الدولة إلى الوزراء الرافضة والخونة أدى إلى ضياع البلاد
والعباد .

3- تقليل عدد العساكر إلى العشر قبل دخول بغداد .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى : ( استهلت سنة 656، وجنود التتار قد
نازلت بغداد صحبة الأميرين اللذين على مقدمة عساكر سلطان التتارهولا كوخان
، وجاءت إليهم أمداد صاحب الموصل يساعدونهم على البغاددة وميرته وهداياه
وتحفه ، وكل ذلك خوفاً على نفسه من التتار ، ومصانعة لهم قبحهم الله تعالى.

وقد سترت بغداد ونصبت فيها المجانيق والعرادات وغيرها من آلات الممانعة
التي لا ترد من قدر الله سبحانه وتعالى شيئاً ، كما ورد في الأثر : ( لن
يغني حذر عن قدر )، وكما قال تعالى : ( إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر ) ،
وقال تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله
بقوم سوء فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ) .

وأحاطت التتار بدار الخلافة يرشقونها بالنبال من كل جانب حتى أصيبت جارية
كانت تلعب بين يدي الخليفة وتضحكه ، وكانت من جملة حظاياه ، وكانت مولدة
تسمى عرفة ، جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها وهي ترقص بين يدي الخليفة ،
فانزعج الخليفة من ذلك وفزع فزعاً شديداً ، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه
فإذا عليه مكتوب : إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول
عقولهم ، فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز ، وكثرت الستائر على دار
الخلافة.

وكان قدوم هولاكو  بجنوده كلها -
وكانوا نحو مائتي ألف مقاتل – إلى بغداد في ثاني عشر المحرم من هذه السنة ،
وهو شديد الحنق على الخليفة بسبب ماكان تقدم من الأمر الذي قدره الله
وأنفذه وأمضاه، وهو أن هولاكو  لما
كان أول بروزه من همدان متوجهاً إلى العراق أشار الوزير مؤيد الدين العلقمي
على الخليفة بأن يبعث إليه بهدايا سنية ليكون ذلك مداراة عما يريده من قصد
بلادهم فخذل الخليفة عن ذلك دويداره الصغير أيبك وغيره ، وقالوا : إن
الوزيرإنما يريد مصانعة ملك التتار بما يبعثه إليه من الأموال ، و أشاروا
بأن يبعث بشيء يسير، فأرسل شيئاً من الهدايا فاحتقرها هولاكو
 ، وأرسل إلى الخليفة يطلب منه
دويداره المذكور ، وسليمان شاه، فلم يبعثهما إليه ولابالا به حتى أزف قدومه .

ووصل بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة ، ممن لا يؤمن
بالله ولا باليوم الآخر ، فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية ،
وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة ،لايبلغون عشرة آلاف فارس ،وهم
بقية الجيش ، كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم حتى استعطى كثير منهم في الأسواق
وأبواب المساجد ، وأنشد فيهم الشعراء قصائد يرثون لهم ويحزنون على الإسلام
وأهله ، وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي ، وذلك أنه لما كان
في السنة الماضية كان بين أهل السنة والرافضة حرب عظيمة نهبت فيها الكرخ
ومحلة الرافضة حتى نهبت دور قرابات الوزير ، فاشتد حنقه على ذلك ، فكان هذا
مما أهاجه على أن دبر على الإسلام وأهله ماوقع من الأمر الفظيع الذي لم
يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات .

ولهذا كان أول من برز إلى التتار هو فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه فاجتمع
بالسلطان هولاكو  لعنه الله ، ثم عاد
فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن
يكون نصف خراج العراق لهم ونصف للخليفة، فاحتاج الخليفة إلى أن خرج في
سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والصوفية ورؤس الأمراء والدولة والأعيان ،
فلما اقتربوا من منزل السلطان هولاكو 
حجبوا عن الخليفة إلا سبعة عشر نفساً، فخلص الخليفة بهؤلاء المذكورين ،
وأنزل الباقون عن مراكبهم ونهبت وقتلوا عن آخرهم ، وأحضر الخليفة بين يدي
هولاكو  فسأله عن أشياء كثيرة فيقال :
إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت ، ثم عاد
الخليفة إلى بغداد وفي صحبته خوجه نصير الدين الطوسي والوزير العلقمي
وغيرهما ، والخليفة تحت الحوطة و المصادرة ، فأحضر من دار الخلافة شيئاً
كثيراً من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة ، وقد أشار أولئك
الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو
 أن لا يصالح الخليفة ، وقال الوزير :
متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا عاماً أو عامين ثم يعود الأمر إلى
ماكان عليه قبل ذلك، وحسنوا له قتل الخليفة ، فلما عاد من الخليفة إلى
هولاكو  أمر بقتله، ويقال : إن الذي
أشار بقتله الوزير ابن العلقمي والمولى نصير الدين الطوسي ، وكان النصير
عند هولاكو  قد استصحبه في خدمته لما
فتح قلاع الألموت وانتزعها من أيدي الإسماعيلية ، وكان النصير وزيراً لشمس
الشموس ولأبيه من قبل علاء الدين بن جلال الدين ، وانتخب هولاكو
 النصير ليكون في خدمته كالوزير
المشير، فلما قدم هولاكو  وتهيب من
قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك فقتلوه رفساً وهو في جوا لق لئلا يقع على
الأرض شيء من دمه ، خافوا أن يؤخذ بثأره فيما قيل لهم ، وقيل : بل خنق ،
ويقال :بل أغرق فالله أعلم ، فباؤا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء
والقضاة والأكابر والرؤساء والأمراء وأولي الحل والعقد ببلاده .

فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول
والشبان ، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش ، وكمنوا أياماً لا
يظهرون ، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب
فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى
أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة ، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة
، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج
منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ومن التجأ إليهم وإلى دار
الوزير ابن العلقمي وطائفة من التجار أخذوا لهم أماناً بذلوا عليه أموالاً
جزيلة حتى سلموا وسلمت لهم أموالهم .

وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها إلا القليل من
الناس وهم في خوف وجوع وذلة وقلة ، وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه
الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان، فكانت العساكر في
آخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف منهم من الأمراء من هو كالملوك
الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف ،
ثم كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد ، وسهل عليهم ذلك ، وحكى لهم حقيقة
الحال ، وكشف لهم ضعف الرجال؛ وذلك كله طمعاً منه أن يزيل السنّة بالكلية ،
وأن يظهر البدعة الرافضة ، وأن يقيم خليفة من الفاطميين ، وأن يبيد العلماء
والمفتين ، والله غالب على أمره .

وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة ، فقيل :
ثمانمائة ألف ، وقيل: ألف ألف وثمانمائة ألف ، وقيل : بلغت القتلى ألفي ألف
نفس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .

وكان دخولهم إلى بغداد في أوائل المحرم ، ومازال السيف يقتل أهلها أربعين
يوماً ، وقتل مع الخليفة ولده الأكبر أبو العباس أحمد ، ثم قتل ولده الأوسط
أبو الفضل عبد الرحمن ، وأسر ولده الأصغر مبارك ، وأسرت أخواته الثلاث :
فاطمة وخديجة ومريم ، وأسر من دار الخلافة ما يقارب ألف بكر فيما قيل ،
والله أعلم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.وقتل أكابر الدولة واحداً بعد واحد
وجماعة من أمراء السنة وأكابر البلد.

وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بني العباس فيخرج بأولاده ونسائه
فيذهب به إلى مقبرة الخلال ، فيذبح كما تذبح الشاه ، ويؤسر من يختارون من
بناته وجواريه ، وقتل الشيوخ والخطباء والأئمة وحملة القرآن، وتعطلت
المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد ، وأراد الوزيرابن العلقمي
قبحه الله ولعنه أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ويستمر بالمشاهد
ومحال الرفض ، وأن يبنى للرافضة مدرسة هائلة ينشرون علمهم وعَلَمهم بها
وعليها ، فلم يقدره الله تعالى على ذلك ، بل أزال نعمته عنه وقصف عمره بعد
شهور يسيرة من هذه الحادثة، وأتبعه بولده فاجتمعا - والله أعلم- بالدرك
الأسفل من النار .

ولما انقضى الأمر المقدر وانقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها
ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس ، والقتلى في الطرقات كأنها التلول ، وقد
سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد، وتغير الهواء فحصل
بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلق
كثير من تغير الجو وفساد الريح ، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء
والطعن والطاعون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

ولما نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمناطير والقِنىَ
والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضهم بعضاً فلا يعرف
الوالد ولده ولا الأخ أخاه ، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن
سبقهم من القتلى، واجتمعوا تحت الثرى بأمر من يعلم السر وأخفى .و ان سقوط
بغداد لم يكن حدثاً مفاجئاً بل انه جزء من خطة مرسومة من قبل قيادة المغول
للاستيلاء على الجزء الممتد من نهر جيحون الى النيل من دار الأسلام، ولم
تكن قوة المغول تلك القوة التي لا تقهر، فقد هزمت على يد الخوارزمية اكثر
من مرة، ولكن الخلافة العباسية، وخاصة في عصر المستعصم، كانت في ازمة تتمثل
في خليفة ضعيف خائر العزيمة وفي قادة منقسمين تتنازعهم الأهواء والمصالح
الشخصية. ولقد بدأ المغول الأتصال بالخلافة عن طريق الرسل والمراسلات
ابتداءً من سنة 635هـ/ 1227 م، حين استقر هولاكو
 في كش، جنوبي غربي سمر قند، راسل
الخليفة المستعصم سنة 653هـ/1255م، وطالب بالتعاون معه للقضاء على
الأسماعيلية. الا أن الحاشية لم يمكنوا الخليفة من الأتصال بهولاكو، وشككوا
بنواياه، ثم ارسل هولاكو  رسالة اخرى
سنة 655هـ/1257م بعد ان قضى على قلاع الأسماعيلية الى الخليفة عاتبه فيها
على عدم التعاون وذكرّه بمصير الخوارزمية والسلاجقة وهدده باحتلال بغداد.
وبعد ان فشلت المراسلات المتبادلة بين الخليفة المستعصم العباسي وبين
هولاكو  المغولي، قرر هولاكو
 الأستمرار في زحفه نحو بغداد، وكانت
هذه الرسائل شكلية، لأن خطة هولاكو 
كانت مرسومة ومقرراً لها ان تنتهي في مصر.
وفي بداية محرم الحرام من سنة 656 تحرك هولاكو
 من همدان باتجاه بغداد اما الخليفة
فأمر قائد جيشه مجاهد الدين أيبك بالخروج بجيش بغداد لمواجهة المغول.. وقد
خرج الجيش بالفعل وعسكّر في جهات بعقوبة ولكن هولاكو
 خطط للأطباق على بغداد من جميع
جهاتها، فأرسل جيشاً لتطويقها من الجانب الغربي بينما واصل هو زحفه باتجاه
الجانب الشرقي.
ولما سمع قائد الجيش العباسي بعبور طلائع المغول الضفة الغربية لدجلة أسرع
يعبر النهر ليقابلهم في شمال بغداد، وحين خلّف الجبهة الشرقية أمر الخليفة
بعض القوات بالتحصن في بغداد ولكن بعض القادة لم ينفذوا اوامر الخليفة، مما
سهّل وصول جيش هولاكو  الى اسوار بغداد
من الجهة الشرقية دون عائق يذكر، وفي الجانب الغربي اشتبك جيش الخلافة مع
المغول فخسر المعركة وقتل وغرق عدد كبير من المقاتلين المسلمين. اما هولاكو
 فقد ترك خانقين متوجهاً نحو بغداد حيث
وصلها في اواسط العام من نفس السنة وحاصر الجانب الشرقي منها وبدأ القتال
في الجانب الشرقي في 12 محرم حيث ركز المغول هجومهم على برج العجمي المجاور
لبرج الحلية ”قرب مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني “.
وفي الأول من صفر لم تعد قوات الخليفة تستطيع المقاومة، ورغم الوفود التي
ارسلها الخليفة لهولاكو، فأن هذا الأخير اصرّ على خروج الدويدار الصغير قائد
الجيش ليأمن انتهاء المقاومة، وقد خرج قائد الجيش اليه في الأول من صفر
فأمره باخراج اتباعه الى خارج الاسوار ففعل، ثم امر الخليفة بالخروج في 4
صفر، فنفذ الأمر ثم امره هولاكو  ان
يطلب من اهل بغداد القاء اسلحتهم ففعل.
وفي اليوم السابع من صفر سنة 656 هـ/ 1258م دخل جنود هولاكو
 بغداد واستباحوها نهباً وقتلاً، فقد
استولوا على قصور الخلفاء ونهبواذخائرها واحرقوا بيوتها، واحترقت اغلب
الاماكن المقدسة في المدينة مثل جامع الخليفة ومشهد الامام موسى الكاظم
وقبور الخلفاء ونهبت البيوت واحرقت الكتب والقيت في البرك والاوحال وفي نهر
دجلة واستبيحت المدينة.
وقبل رحيل هولاكو  عن بغداد نظم ادارة
العراق معتمدا على ابن العلقمي الذي اقره في الوزارة كما اقر اخرين من كبار
موظفي المستعصم على دواوينهم وعين قاضيا للقضاة وابقى في بغداد 3000 جندي
مغولي لحفظ الامن، وبذلك بدأ العهد الايلخاني وسقطت الخلافة العباسية.
وبعد سقوط بغداد، ظلت الخلافة لمدة ثلاث سنوات بدون خليفة، وبعد وفاة
هولاكو  جعلت مدينة بغداد وهي الممثلة
للعراق، جزءا من الدولة الايلخانية يدير شؤونها اميرا يلخاني مغولي.
كانت الدولة الايلخانية المغولية في العراق بعد ان فتح هولاكو
 بن تولي خان المعروف بايلخان بغداد
وخربها سنة 656هـ/ 1258 وعين واليا واستمر هو بالفتوحات غربا.
وبعد وفاته سنة”663هـ/ 1265م “ تولى الحكم ابنه اباقاخان الذي قام باصلاحات
واعاد بناء جامع الخلفاء ومنارة سوق الغزل سنة”678هـ/ 1279م “ وعين على
ولاية العراق عامله علاء الدين الجويني، وكان التتر قد دخلوا الاسلام
واولهم السلطان احمد خان”تكدراخان بن هولاكو
 سنة”681هـ/ 1282 - 1284م “، ولم
تستقر الاوضاع السياسية في العراق، وكانت الفتن والمنازعات مستمرة بين
الولاة والامراء فساءت احوال البلاد في زمنهم حتى قضى الشيخ حسن الجلائري
على اخر الامراء الايلخانيين سنة”738هـ/ 1338م “ بعد ان حكموا ثمانين عاما
في العراق وتأسست بذلك الدولة الجلايرية.
وفي الفترة من (738- 813هـ/1338- 1410م )اسست الدولة الجلائرية من قبل
الشيخ حسن الجلايري المغولي الاصل قادما من فارس والاناضول وفتح بغداد سنة
(738هـ/1338م ) فاستقرت الامور في العراق ولما توفي سنة (757هـ/1356م) تولى
الحكم من بعده ابنه السلطان معز الدين اويس عين مملوكه امين الدين مرجان
واليا على العراق وهو الذي شيد المدرسة المرجانية (جامع مرجان) سنة
(760هـ/1359م)ووقف عليها ريع خان مرجان وخان الاورطمة .
ولم يستمر الحكم في العراق بعد وفاة معز الدين اويس بل قامت الفتن
والمنازعات بين اولاده الى ان قدم تيمور لنك من تركستان وفتح بغداد وعام
(795هـ/1393م)اول مرة في زمن ملكها احمد بن معز الدين اويس فاعمل فيها حرقا
وتخريبا فهرب احمد بن اويس الى مصر مستجيرا بسلطان الملك الظاهر يرقوق وعاد
احمد بن اويس بجيش عرمرم استرد به بغداد ولكن تيمور لنك لم يمهله اذ رجع
وفتح بغداد ثانية وهرب احمد بن اويس الى بلاد الروم وعاد واسترجع بغداد بعد
سنتين ومعه قره يوسف التركماني الا ان تيمور لنك جمع عساكره وسار بهم للمرة
الثالثة الى بغداد وفتحها عام (804هـ/1410م) واعاد تمثيل فضائعه في اهالي
بغداد فهرب احمد مغز الدين بن اويس الى حلب الا انه رجع مجددا الى بغداد
وبعد سنتين واختلف مع قره يوسف التركماني فهرب الى مصر وبقي قرة يوسف في
بغداد الى ان دخلتها مجددا جيوش تيمور لنك فهرب قره يوسف الى مصر .
وفي هذا العهد حرقت بغداد عدة مرات وحدثت طواعين اهلكت اكثر اهاليها واخيرا
توفي تيمور لنك سنة (807هـ/1404م) واستمرت المنازعات على حكم العراق من
اذربيجان وتبريز الى ان تمكن قرة يوسف من فتح تبريز والقبض على السلطان
احمد الجلايري واجبره على التنازل عن الحكم ثم قتله وهكذا قضى قرة يوسف على
الدولة الجلايرية سنة (813هـ/1410م ) واسس الدولة التركمانية .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق