الاثنين، 10 ديسمبر 2012

الإدريسي


                                                     *الإدريسي*
هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إدريس المشهور باسم (الإدريسي) وهو
أكبر علماء الجغرافيا المسلمين، وأول جغرافي رسم خريطة سليمة للعالم.
كان أول ما ظهر في الأندلس حيث تلقى علومه، ثم طاف البلاد حتى نزل صقلية
ضيفاً على ملكها روجر الثاني.
ولد الادريسي في سبتة بالمغرب (493 هـ - 1100م) وتوفي في (560 هـ - 1166م).
قضى الادريسي شطراً من حياته في رسم أول خريطة سليمة للعالم، فوضعها وفق
الأصول التي كانت معروفة في عصره، وصحح للعرب والأوروبيين مفاهيمهم عن
العالم. واستخدم الأوروبيين مصوراته وخرائطه في الكشوف التي كانوا يقومون
بها إبان عصر النهضة وخلال رحلات الاستكشاف.
امتاز الادريسي بالدقة في حساب الطول والعرض للبلدان المختلفة، واستخدم ما
أطلق عليه اسم (لوح الترسيم) وهو مشروع خريطة العالم التي رسمها فيما بعد.
وعندما أراد أن يخلد تلك الخريطة حتى لا تتلف، أمر له الملك روجر بأن يوضع
تحت تصرفه دائرة من الفضة تزن 400 رطل رومي، في كل رطل منها 112 درهماً فلما
تم ذلك أمر الفعلة أن ينقشوا عليها صور الأقاليم السبعة وأقطارها وخلجانها
وبحارها، ومجاري مياهها ومواقع أنهارها، وعامرها وغامرها، وما بين كل بلدين
منها، وبين غيرها من الطرقات .. والمراسي المعروفة على نهج ما في لوح الترسيم.
من مؤلفات الإدريسي  كتاب (نزهة
المشتاق في اختراق الآفاق)، وألفه للملك روجر بناء على طلبه، وضمنه كل ما
عرفه الأقدمون من معلومات سليمة، وأضاف إليها ما اكتسبه هو وما رآه ورصده
في رحلاته واختباراته ، وقد ظل هذا الكتاب مرجعاً لعلماء أوروبا مدة زادت
على 300 سنة، وفيه نيف وسبعون خريطة.
وألف كذلك كتاب (صفة بلاد المغرب) وفيه خريطة العالم المعمور من الأرض،
وتشتمل العالم القديم وهي قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا وقد ذكر فيها سبعة
أقاليم، فجعل الإقليم الأول منها يمتد من خط عرض صفر إلى 23 درجة شمالاً،
وتلت ذلك الأقاليم الباقية بحيث يمتد الإقليم السابع من 54 درجة إلى 63
درجة، وما بعد هذه الدرجة الأخيرة منطقة غير مسكونة، وذلك لكثرة البرودة
ووفرة الثلوج.
اهتمت المحافل العلمية في العراق بخريطة الإدريسي، وانتدبت من أجل دراستها
ونشرها والعناية بها، وعني بذلك بعض العلماء العرب فأعادوا الخريطة إلى
الأصل العربي، واستخدموا في ذلك العديد من النسخ المصورة من كتاب نزهة
المشتاق ونشر كذلك المجمع العلمي العراقي عام 1951 الخريطة المصححة، فبلغ
طولها نحو مترين وعرضها نحو متر وفيها يجعل الإدريسي
 الجنوب في أعلى والشمال في أسفل وهو
غير المألوف اليوم والسائد في وقتنا الحاضر ، وبذلك يكون الغرب إلى اليمين
والشرق يساراً واستدارة الفلك في موضع خط الاستواء 360 درجة، وبين خط
الاستواء وكل واحد من القطبين 90 درجة لأن العمارة في الأرض بعد خط
الاستواء 64 درجة والباقي من الأرض خلاء لا عمارة فيه ، لشدة البرد والجمود
.. والأرض ذاتها مستديرة لكنها غير صادقة الاستدارة .. والبحر المحيط يحيط
بنصف الأرض إحاطة متصلة دائرتها فكذلك الأرض نصفها مغرق في البحر، والبحر
يحيط به الهواء.
في عام 1154م، كتب الشريف الإدريسي 
لملك صقلية النورماندي روجر الثاني كتاباً يصف فيه عالم الأرض، وأرفق به
خريطة تبين الحدود الخارجية المعروفة في ذلك الوقت من اليابسة وبحر الظلمات
(المحيط الأطلسي) وقد ذكر عن هذا الأخير أنه يحيط بالجزر البريطانية، وأنه
من المستحيل التوغل فيه، كما ألمح إلى وجود جزر بعيدة هي جزر ايسلندا ونحوها.
يقول الإدريسي  في وصف بحر الظلمات أو
المحيط الأطلسي: (وأهم الملاحين في هذا البحر هم المعروفون باسم الأنكسية
أي سكان أنكرطرة (أي انجلترا) وهي جزيرة عظيمة فيها مدن كبيرة، برغم ما
يكتنف هذا البحر من أهوال، ومع كثافة أمواجه، فإن به السمك الكبير الذي
يصيدونه في أمكنة معلومة، وبه دواب بحرية، تبلغ من عظم الحجم ما يجعل أهالي
تلك الجزر يستعملون عظامها وقفازها بدل الخشب في مبانيهم، ويصنعون منا
خناجر ورماحاً ومقاعد وسلالم).
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق